المسألة الثانية عشرة أن أفعال العباد حسنها وقبيحها منهم
  عليه المتمكن من فعله الإقدام عليه على الإطلاق، والرّسميّةُ هو ما إذا فعله من كان قادراً عليه استحقّ الذّم على بعض الوجوه، وقولنا على بعض الوجوه يحترز عن الخطإ وما يصدُرُ عن النّائم والسّاهي من القبائح، وكذلك أفعال الصبيان والبهائم وكذلك المُسبِّبُ للقبيح إذا تَرَاخَى عن سَبَبِهِ إذا وقعت التوبةُ قبل حصوله، فإن هذه قبائحُ لا يستحقّ على فعلها الذّم، فثبت أن أفعال العباد يتعلّق بها الثّوابُ، والعقابُ، والمدحُ، والذّمُّ (فَلَوْ كَانَتْ مِنَ اللهِ تَعَالَى لَمَا حَسُنَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) كما لا يحسن شيءٌ من ذلك (عَلَى صُوَرِهِمْ وَألْوَانِهِمْ) فإذا حسن ثوابهم (وَعِقَابُهُمْ وَمَدْحُهُمْ وَذَمُّهُمْ عَلَى أفْعَالِهِمْ وَلَمْ يَحْسُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صُوَرِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ عَلِمنا) الفرق بين أفعال العباد وبين الصُّور والألوان، ودلّ ذلك على (أَنَّ أفْعَالَهُمْ مِنْهُمْ لَا مِنَ اللهِ تَعَالَى وَذَلِكَ مُتَقَرِّرٌ في عَقْل كُلِّ عَاقِلٍ) دليلٌ ثانٍ: [وهو] وقوع الفعل بحسب داعيَ العبد وإرادته، وإنتفاؤُه بحسب صارفه وكراهته، ولو كانت منه تعالى ما كانت فيها هذه القضية فهذانِ أصلانِ. والذي يدلُّ على الأوّل: أنّ الواحد منّا إذا دعاهُ الداعي المكين إلى إيجاد فعلٍ منها حصل منه لا محالة، ومتى كرهه أو منعه منه مانعٌ لم يحصل، والذي يدل على الثاني: أنّ أفعالنا لو كانت من الله سبحانه لجرت مجرى الصُّوَرِ والألوانِ فكما أنّ صُوَرَهُمْ، وألوانَهم لا توجد بحسب قُصُودِهِمْ، ودواعيهم، ولا تنتفي بحسب كراهتهم وصوارفهم لمّا كانت فِعْلاً لِلَّهِ تعالى فكذلك كان يجب في أفعالنا لو كانت منه،