كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثانية عشرة أن أفعال العباد حسنها وقبيحها منهم

صفحة 171 - الجزء 1

  والعمل، والكسب، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}⁣[آل عمران: ١٣٥] وقال تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}⁣[العنكبوت: ١٧] وقال تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرُ}⁣[المائدة: ١١٠] وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}⁣[آل عمران: ٣٠] وقال تعالى: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ}⁣[المؤمنون: ٦٣] وقال تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أََوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَريئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}⁣[النساء: ١١٢]. فإذا تطابقت الأدلّة من العقل والسمع على أنّ أفعال العباد منهم لم يَجُزْ إضافتُها إلى اللهِ تعالى. قالوا: قال اللهُ تعالى: {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}⁣[الصافات: ٩٦] وقالوا: ما مصدريّة أي: وعملكم.

  قلنا: بل هي موصولةٌ ومعناه: خلقكم والحجارة التي تعملونها أصناماً بدليل أوّل الكلام وهو قوله تعالى: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}⁣[الصافات: ٩٥]. (فَثَبَتَ بِذَلِكَ) الذي ذكرنا من الأدلّة القطعيّة مذهبنا (أنَّ) العباد (أَفْعَالُهُمْ مِنْهُمْ) لا من اللهِ تعالى، وبطل ما ذهب إليه المخالفون. وأمّا ما ذهب إليه ابن الْوَلَهَانِ من أنّ فعل المعصية ليس من العبد، بل من الشيطان