المسألة الثالثة عشرة أن الله لا يقضي بالمعاصي
  مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}[الإسراء: ٠٤] معناه: أخبرنا وأعلمنا. فهذه ثلاثة معانٍ. وَالْقَدَرُ: له ثلاثةُ معانٍ أيضاً: بمعنى: الخلق قال تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}[فصلت: ١٠] معناه: خلق فيها أقواتها. وبمعنى: العلم قال تعالى {يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ}[الشورى: ٢٧] وقال الله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ الغَابِرِينَ}[الحجر: ٦٠] معنى ذلك: علمنا من حالها. وبمعنى الكتابة، وفي الأساس بمعنى: الإعلام، قال العجاج:
  وَاعْلَمْ بِأَنَّ ذَا الْجَلَالِ قَدْ قَدَرْ ... فِي الصُّحُفِ الأُولَى الَّتِي كَانَ سَطَر
  أمْركَ هَذَا فَاجْتَنِبْ مِنْهُ التّبَرْ
  يعني: الهلاك، ويُروى النّتر بالنون فيكون معناه: الفساد.
  قال في الأساس: وبمعنى الأجل قال تعالى: {إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ}[المرسلات: ٢٢] وبمعنى الحتم قال تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}[الأحزاب: ٣٨] ودليلُ إشتراك القضاء والقدر في معانيهما المذكورة أنّهما إذا أُطلقا لم يسبق إلى فهم السامع بعضُ معانيهما دون بعض إلَّا بقرينةٍ، وهذه علامةُ الإشتراك، وإذا ثبت إشتراكُ كل واحدٍ منهما بين كُلٍّ من معانيه فنحن نقطع بأنّ بعض هذه المعاني صحيح، وبعضها فاسدٌ؛ إطلاقُهُ على الباري تعالى خطأٌ، فإذا أطلقناهما مع ثبوت ذلك قطعنا على (أنّ إطلاقهما يُوهِمُ الْمَعْنَى الْفَاسِدَ وَهُوَ أنّه تَعَالَى خَلَقَهَا) كما تقوله المجبرة (وَذَلِكَ) أصلٌ قد أبطلناهُ فلا ثبوت