تنبيه
«تنبيهٌ»
  من جملة الألفاظ المشتركة: الهُدى والضّلال، فالهدى قد يكون بمعنى: الدُّعاءِ إلى الخير قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت: ١٧] وبمعنى: زيادة البصيرة بتنوير القلب بزيادةٍ في العقل قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}[محمد: ١٧] ومثله قوله تعالى: {إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}[الأنفال: ٢٩] أي: تنويراً تفرقون به بين الحق والباطل. وبمعنى: الثواب قال تعالى: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإيمَانِهِم تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[يونس: ٠٩] أي: في حال جُرِيِّ الأنهار. وبمعنى الحُكم والتّسمية به قال الشاعر:
  مَا زَالَ يَهْدِي قَوْمَهُ وَيُضِلّنَا ... جَهْراً وَيَنْسِبُنَا إلَى الْفُجَّارِ
  وإذا عرفتَ هذه المعاني فاعلم: أنه يجوز أن يُقال: إنّ الله تعالى لا يهدي القوم الظالمين بمعنى: لا يزيدهم بصيرةً لمّا لم يُبْصِرُوا أَو لا يُثيبهم، أوْ لا يَحكُم لهم بالهُدى ولا يُسمّيهم به. ومقتضى ما قدّمنا في القضاءِ والقدر: أنه لا يجوز إطلاقُ القول بذلك بل مع القرينة المُشعرة بأحد هذه المعاني الصحيحة، وإلّا أوْهَمَ المعنى الفاسد وهو بمعنى لا يدعوهم إلى الخير، وبفساد هذا المعنى قالت العدلية. خلافاً للمُجبرة فجوّزوا أن يُقال إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين بمعنى: