كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 179 - الجزء 1

  لا يدعوهم إلى الخير. قلنا: ذلك رَدٌّ لِمَا عُلِمَ من الدين ضرورةً، لدعاءِ اللهِ الكفّار وغيرهم بإرساله إليهم الرُّسل وإنزاله الكتب، فقال تعالى {وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}⁣[فصلت: ١٧] وقال تعالى: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}⁣[فاطر: ٢٤] والضّلالُ: بمعنى الإغواء عن طريق الحق قال تعالى: {وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ}⁣[طه: ٨٥] أي: أغواهم عن الحقّ. وبمعنى الهلاك قال تعالى: {وَقَالُوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَديدٍ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ}⁣[السجدة: ١٠] أي: هَلَكْنَا وبمعنى العقاب قال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ}⁣[القمر: ٤٧] أي: في عقابٍ. والسُّعُرُ: جمعُ سَعِيرٍ وهو العذابُ المُستَعِرُ أي: المُشتَدُّ. وبمعنى الحكم والتسمية كقول الشاعر:

  مازال يهدي قومه ويضلنا ... جهراً وينسبنا إِلى الفجار

  أي: يحكم على قومه بالهدى ويُسميهم مُهتدين، وعلينا بالضّلال ويُسمينا ضالّين.

  وإذا عرفتَ هذه المعاني فاعلم: أنّه يجوز أن يُقال: إنّ الله يُضِلُّ الظالمين بمعنى: يحكم عليهم ويُسميهم به لمّا ضلوا، وبمعنى يُهلكهم أو يُعذبهم، ولا بدّ من التقييد بما ذكر لإيهام الإطلاق المعنى الفاسد وهو أن يكون المعنى يغويهم