كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

فائدة

صفحة 181 - الجزء 1

  المكلفين من الملائكة وإلّا كان عبثاً وهو لا يجوز على الله تعالى. قال إمام زماننا أيّده اللهُ في الأساس: وفيه نظر لأنّها إنْ كانت لِلْحَفَظَةِ كما ذكرتم فأعمالُ الكفّار أوضح منها مع أنّهم $ لا يرون ما وَارَاهُ اللِّبَاسُ من العورة كما ورد أنهم يصرفون أبصارهم عند قضاءِ الحاجة فبالأحرى أنّهم لا يرون القلبَ، والله غنيٌّ عنها لأنّه عالمُ الغيب والشهادة لا يعزب عنه شيءٌ. قال أيَّدَهُ الله: فالتحقيق أنه عبارةٌ عن سَلْبِ اللهِ إيَّاهُم تنويرَ القلبِ الزّائدَ على العقل الكافي، لِأنّ من أطاع اللهَ نوّر اللهُ قلبه قال تعالى: {وَمَن يُؤمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}⁣[التغابن: ١١] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}⁣[محمد: ١٧] وقال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}⁣[الأنفال: ٢٩] أي: تنويراً كما مرّ. ومن عصى اللهَ تعالى لم يمدّه اللهُ بشيءٍ من ذلك مادام مُصِرّاً على عصيانه، فشبّه اللهُ سلبه إيّاهُم ذلك التنوير بالختم والطبع. وأمّا قوله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}⁣[البقرة: ٠٧] وقوله تعالى حاكياً: {وَفي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}⁣[فصلت: ٠٥] فتشبيهٌ لحالهم - حيث لم يعملوا بمقتضى ما سَمِعُوا وأبصروا، ولا بنصيحة الرسول ÷ - بمن في أُذنيه وَقْرٌ فلا يَسْمَعُ، وعلى بصره غشاوةٌ فلا يُبْصِرُ، وبمن بينه وبين النّاصح حجابٌ لا تبلُغ إليه نصيحتُهُ مع ذلك الحجاب.