المسألة الثالثة عشرة أن الله لا يقضي بالمعاصي
  وما قاله ÷ في القدريّة نصٌّ صريحٌ في أنهم هُمُ القدريّة لأنهم أهل هذه المقالة، وليت شعري ما عذرهم قاتلهم اللهُ. وقال ÷: «الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّة وَهُمْ خُصَماءُ الرَّحْمَنِ وَشُهُودُ الزُّورِ وَجُنودُ إبْلِيسَ» وطريقة الإنصاف أنّا ننظُرُ فمن وُجِدَتْ فيه هذه الأوصاف فهو المرادُ بالقدريّة.
  أمّا كونهم مجوسَ هذه الأُمّة فليس المراد مذهب المجوسية على الحقيقة إذ ليس في هذه الأُمة مجوسٌ بل المراد مَنْ مَذْهَبُهُ أشْبَهُ بمذهبهم، وقد نظرنا فإذا هم أشبه بهم إذ قالوا: القادرُ على الخير لا يقدرُ على الشّر كالكفر لأنَّ القدرة غير صالحةٍ للضدّين وهذا بنفسه عينُ مذهب المجوس على ما تقدم وأمّا كونهم خصماءَ الرحمن فلأنهم هم المخاصمون للرحمن فإنه إذا احتجّ يوم القيامة على العُصاة وأظهر أنهم أُتُوا مِنْ قِبَلِ أنفسهم وأنّه ليس ظالماً لهم قام المجبرة فردُّوا عليه الحجةَ وقالوا: بل أنت الذي خلقتَ فيهم العصيان وخاطبتهم بما لا قُدرةَ فيهم عليه وهو الطاعة ثم أخذتَ الآن تُعاقبهم على فعلك وتُوبّخهم عليه. وأما كونهم شهود الزور: فإنّ الله تعالى إذا سأل الشياطين: لم أضللتم العباد وأغويتموهم؟ قالوا: أنت الذي أضللتهم وأغويتهم، ثم لا يجدون من يشهد لهم إلَّا المجبرة دون سائر الأُمَمِ. قال بعضُ المفسرين: قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا