كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثالثة عشرة أن الله لا يقضي بالمعاصي

صفحة 184 - الجزء 1

  عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ}⁣[الزمر: ٦٠] واردٌ في المجبرة لأنّهم يُحشرون فيخرج من أفواههم دخانٌ فيقع على وجوههم فتسودّ لذلك وجوههم. وأمّا كونهم جنود إبليس: فإنهم الذين يتعصّبون لإبليس ويحتجُّون له على مقالته: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}⁣[الحجر: ٣٩] ويقولون إنه غيرُ مستحقٍّ للذّم والبراءة لأنه لا فعل له بلِ اللهُ تعالى هو المُضِلُّ والمغوي. وإذا ثبت حصول هذه الأوصاف فيهم كانوا هُمُ المُرادين بالقدريّة من غير شَكٍّ ولا مريةٍ. وقال ÷: «لَا تُجَالِسُوا الْقَدَرِيَّةَ وَلَا تُفاتِحُوهُمْ» وهذا خبر متلقّى بالقبول. وطريقة الإنصاف: أنّا ننظر مَنْ في مجالسته مفسدة، فلمّا نظرنا وجدناهُمْ المجبرة، لوجوهٍ: أحدها: أنّ مجالستهم تُؤَدِّي إلى إساءة الظنّ بالله تعالى من حيث أنهم يُجَوِّزُونَ صدور كل قبيح منه تعالى. الثّاني: أنّ مجالستهم تُؤَدِّي إلى الإستهزاءِ بكلام الله تعالى لأنّ السّامع متى سَمِعَ الأمر والنّهيَ والوعد والوعيد وهو يعتقد ما يعتقدونه إِستهزأ بالخطاب العزيز ويقول إن فَعَلَهَا فينا وُجِدَتْ وإن لّم يفعلها فينا لم تُوجد فَلِأيِّ شيءٍ أمرنا أو نهانا. الثالث: أنه يُؤَدِّي إلى التّمادي في المعصية من حيث أنه يعتقد أنّ اللهَ تعالى فاعلُها فيستمر على ذلك ويقول الفعل لغيري وهو اللهُ تعالى. الرّابع: أنه يُؤَدِّي إلى التّكاسل عن الطاعة متى سمعهم يقولون: إنّ الطاعات فِعْلُ الله تعالى. لأنّ مَنْ لا يقدر على شيءٍ لا يهتم بفعله. الخامس: أنه يُؤَدِّي إلى أن