المسألة الثالثة عشرة أن الله لا يقضي بالمعاصي
  فنهض الشيخ مسروراً وأنشأ يقول:
  أَنْتَ الإمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِ ... يَوْمَ النُّشُورِ مِنَ الرَّحْمَنِ رِضْوانا
  أَوْضَحْتَ مِنْ دِينِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساً ... جزاك رَبُّكَ عَنَّا فِيهِ إِحْسَاناً
  نَفْسِي الْفِدَاءُ لِخَيْرِ النَّاسِ كُلِّهِمُ ... بَعْدَ النَّبِيءِ عَلِيِّ الْحبْرِ مَوْلَانَا
  نَفَى الشُّكُوكَ مَقَالٌ مِنْكَ مُتَّضِحٌ ... وَزادَ ذَا الْعِلْمِ وَالإِيمانِ إِيمَانَا
  فَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي فِعْلِ فَاحِشَةٍ ... يَوْماً لِفَاعِلِهَا ظُلْماً وَعُدْوَانَا
  كَلَّا وَلَا قائلٌ نَاهِيه أوْقَعَهُ ... فِيهَا عَبَدْتُّ إذاً يا قَوْمُ شَيْطانا
  وهذا الخبر نصٌ صريحٌ في أنّ القدريةَ هُمُ المجبرةُ، وكلامه # عندنا حُجّةٌ. وقد أوردُوا شُبهةً تعلّقوا بها وهي: ما يروونه من المناظرة بين آدم وموسى @ فإنهم قالوا: إنّ آدم وموسى اتّفقا في السّماءِ فقال موسى لآدم: أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته فَلِمَ عصيتَهُ؟ فقال آدم: أترى أنّ المعصية التي فعلتها كتبها الله عليّ قبل خلقي بأَلفَيْ عَامٍ أم لا؟ فقال موسى #: بل كتبها عليك كذلك، فقال آدم #: فلم تلومني على شيءٍ كتبه الله عليّ؟ فانقطعت حُجَّةُ موسى #.
  والجواب من وجوهٍ: أحدها: أنّ هذا الخبر لم يصح عن النبيء ÷. الثاني: أنه من أخبار الآحاد. الثالث: أنه مخالف دلالة العقل ومحكم القرآن. الرابع: أنه لو صحّ ما ذكروه لوجب أن تكون الحُجّة لإبليس على آدم ولفرعون على موسى بأن يقول إبليس: لمن ذمّه وأنكر عليه مخالفته لربه كما رووا أنّ آدم # احتجّ به فكذلك يقول فرعون مثل ذلك وهذا يوجب كون الحجة