كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الخامسة عشرة أن الله تعالى لا يثيب أحدا إلا بعمله ولا يعاقبه إلا بذنبه

صفحة 193 - الجزء 1

  يقولون: إنّ الله تعالى ما سوّغ لنا مِلْكَ أولاد المشركين وإسترقاقهم وإنزال المصائب بهم إلّا لأجل ذنوب آبائهم؛ فألزمهم أهلُ العدل جواز أنْ يُعاقبهم اللهُ تعالى في الآخرة لأجل ذنوب آبائهم (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصحيح وهو مذهبنا (أَنَّ الْمُجَازَاةَ) بالثّواب والعقاب (لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّها قَبِيحٌ وَاللهُ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ) فهذانِ أصلانِ لا بُدّ من إقامة الدليل على كل واحدٍ منهما.

  أمّا الأصل الأوّل: فأخذ في بيان دليله فقال: (أمّا الدَّلِيلُ عَلَى أنَّهُ لَا يُثِيبُ أَحَداً إلّا بعمله فَهُوَ أنَّ الثَّوابَ يَتَضَمّنُ التَّعْظِيمَ) لا يخفى ما في هذه العبارة من الرّكةِ لأنّ الاشتغال بإبانة أنّ الثّواب لمن لا يستحقه قبيحٌ، وفي تصدير الكلام بقوله: أمّا الدّليل على أنّه لا يُثيب أحداً إلّا بعمله رجوعٌ إلى نفس المسألة؛ لا إلى الاستدلال على أصلها المبنيّة هي عليه. وبيان ما قصده الشيخ أنّ الثّوابَ - في اصطلاح المتكلمين - المنافعُ المُستحقّةُ المفعولةُ على جهة التّعظيم، فقولنا: المنافعُ جنسُ الحدّ وقولنا: المُستحقَّةُ يخرُج التّفضُّلُ لأنّ حقيقته: المنافعُ التي ليست بمستحقّةٍ، وقوله على جهة التعظيم يخرُج العوضُ واللُّطْفُ لأنّ حقيقة العوض: المنافعُ المستحقَّةُ المفعولةُ لا على وجه التّعظيم، وحقيقةَ اللُّطْفِ ما يدعو المكلّفَ إلى فِعْلِ مَا كُلِّفَ فِعْلَهُ وترك ما كُلِّفَ تَرْكَهُ أو إلى مجموعهما على الوجه الذي كُلِّفَ به. وقال في الأساس: (هو تذكير بقولٍ أو غيره حاملٌ على فعل الطّاعة وترك المعصية). قال المهدي # وأبو هاشم: ويجوز كون فعل زيدٍ لُطْفاً لعمرٍو، وتَقَدُّمُ اللُّطف بأوقاتٍ ولو قبل بلوغ المُكلَّف ما لم يَصِر في حكم المنسيِّ؛ خلافاً لأبي علي. حُجّتُنَا عليه: حصول الإلتطاف بالمواعظ وهي فعلُ