المسألة الخامسة عشرة أن الله تعالى لا يثيب أحدا إلا بعمله ولا يعاقبه إلا بذنبه
  أو الضّرر الذي لا يَعْرَى عنها أو عن أحدها، ولم يقض العقلُ أو الشّرعُ بحسن ذلك الضّرر أو العاري عن ظنِّ جلب النفع أو دفع الضرر، أو الذي لا يَعْرَى عن ظنّ ذلك، ولم يكن فعلُهُ حسناً، ولا يكون في الحكم كأنّه من جهة غير فاعل الضرر. قلنا: الضّرَرُ: لأنّ النفع لا يكون ظُلْماً قلنا: العاري عن جلب منفعةٍ أو دفع مضرَّةٍ كما وصفنا: لأنّ الضّرر لأجل النفع أو دفع الضّرر المذكورين لا يكون ظُلْماً؛ كمن يشرط أُذن ولده لدفع ضررٍ هو أعظم من ذلك، أو يقطع إصْبَعاً من يده خشية فساد جميع اليد، وكذلك إنزاله به مشقّة السّفر لما يرجو له من النفع الذي هو أعظم من تلك المشقّة لا يكون ظلماً. قلنا: أو إستحقاق لأنّ المقتص من غيره في نفسٍ، أو مالٍ لِمَا وَجَبَ له من القصاص لا يكون ظالماً وكذلك عقاب الله تعالى لأهل المعاصي بالنّار والحدود. قلنا: أو الظن للنفع أو دفع الضرر الموصوفينِ وذلك لأنّ ظنّهما قائمٌ مقام حصولهما لأنّ المنافع والمضارّ يقوم الظنُّ فيها مقام وقوع المظنون وهذا ممّا قضت به قَضَايَا العقول، ولم يذكر ظن الإستحقاق لأنه لا يجوز إيلامُ الغير لظنّ الاستحقاق، فلا تقتل شخصاً لظنّك أنه قتل ولدك ولا نحو ذلك، هذا قول الزيدية وجمهور المعتزلة، وقال أبو هاشم: بل يحسُن لظن الاستحقاق. قلنا: ولا يكون في الحكم كأنّه من جهة غير فاعل الضرر ليُحترز به من المُلقَى في النّار والبحر فإن ضرره كأنّه من جهة غير الله تعالى وإن كان الله تعالى هو الفاعل لذلك فكان الضّرر من غيره وهو المُلقِي وتَبِعَتُهُ عليه لأنّه فعل