كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الخامسة عشرة أن الله تعالى لا يثيب أحدا إلا بعمله ولا يعاقبه إلا بذنبه

صفحة 196 - الجزء 1

  الإلقاءَ وقد أجرى اللهُ العادة بالهلاك عنده فكان المُلقِي هُوَ المُهلِكُ. قال الدّواريُّ: وأوجزُ من هذه الحقيقة ما ذكره المؤيد بالله #، والحاكم في حقيقة الظلم فَقَالَا: حقيقةُ الظُّلم هو الضَّررُ القبيحُ، والدّليلُ على أنّ ذلك الضّرر ظلمٌ أنّ من عَلِمَ ضرراً هذا حَالُهُ علمَه ظُلْماً ومن لّم يعلمهُ بهذه الصفة لم يعلمهُ ظلماً بدليل ما ذكرناه في قيود الحدّ، فثبت أنّ عقاب من لّا يستحقُّ العقابَ ظلمٌ (وَالظُّلْمُ قَبِيحٌ) بدليل أنّ مَنْ عَلِمَهُ ظلماً عَلِمَهُ قبيحاً ومن لّم يعلمه ظُلماً لم يعلمه قبيحاً (وَاللهُ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ وَقَدْ) جاء السّمع بتصحيح ما ذكرنا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الإسراء: ١٥] وقوله تعالى: {وَأَن لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلّا مَا سَعَى}⁣[النجم: ٣٩] وقوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ}⁣[العنكبوت: ٤٠] ولا شكّ أنّ الطفل لا ذنب له فلا يجوز تعذيبُهُ بذنب أبيه وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَظلِمُ النّاسَ شَيْئًا وَلكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُم يَظْلِمُونَ}⁣[يونس: ٤٤] ولا ظلم أعظم من تعذيب من لا ذنب له، فيجب نفيُهُ عن اللهِ تعالى كما نفاهُ عن نفسه، ويدلُّ على ذلك ما رُوي أنّ النبيء ÷