المسألة السادسة عشرة أن الله لا يريد شيئا من معاصي العباد، ولا يحبها ولا يرضاها
  محل ونحو ذلك من المحالات. وممّا يشهد بصحة هذه الجملة من أقوال الأئمة: قول أمير المؤمنين #: (يَقُولُ وَلَا يَلْفِظُ، ويَحْفَظُ وَلَا يَتَحَفَّظُ، وَيُرِيدُ وَلَا يُضْمِرُ، وَيُحِبَّ وَيَرْضَى منْ غَيْرِ رِقَّةٍ، وَيَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ) وقوله: (وَمَشِيئَتُهُ الإِنْفَاذُ لِحُكْمِهِ، وَإرَادَتُهُ الإِمْضَاءُ لأُمُورِهِ) وقول علي بن الحسين # في توحيده: (فاعلٌ لا بإضطراب آلةٍ، مقدِّرٌ لا بِجَوَلَانِ فِكْرَةٍ، مدبّرٌ لا بحركةٍ، مريدٌ لا بِهَمَامَةٍ). وقول جعفر بن محمد الصادق # في كتاب الأهليلجة: (الإرادةُ من العباد الضّميرُ وما بعد ذلك من الفعل، فأمّا عن الله ø فالإرادةُ للفعل إحْدَاثُهُ لأنّه لا يَرى ولا يتفكر) وقول الهادي إلى الحق # في كتاب المسترشد: (ألَا ترى أنّ الفاعل لِمَا لا يُريد فجاهلٌ مذمومٌ من العبيد فكيف يقال ذلك في الله الواحد الحميد). وقوله: (لا فرق بين إرادة الله ومُرَادِهِ، وأنّ الإرَادَةَ منه هي المرادُ، وأنّ مُراده هو الموجود الكائن المخلوق).
  قلتُ: كلامه هذا أوضحُ دليلٍ على بطلان تأويل بعض المتأخرين لكلامه. وقول ابنه المرتضى لدين الله # في كتاب الشرح والبيان: (الْعَرَضُ لا يقوم بنفسه ولا بُدّ له من شَبَحٍ يقوم فيه وبه). وقول أخيه الناصر # في كتاب النّجاة: (لا يقوم عرضٌ إلّا في جسم ولا جسمٌ إلّا في عرضٍ). وقول القاسم بن علي العياني # في كتاب التجريد: (فإن قال السائل: فلا أرى لِلَّهِ إرادةً إذا كان مُرَادُهُ وُجُودُ فِعْلِهِ، فإنا نقول: إنّ مراده لو لم يكن وجود فعله لكانت صفاتُهُ كصفات خلقه). وقول ابنه الحسين بن القاسم العياني في كتاب الرّد على المُلحدين: (ولو كانت إرادتُهُ قبل فعله لكانت كإرادة المخلوقين، ولكانت عرضاً