المسألة السادسة عشرة أن الله لا يريد شيئا من معاصي العباد، ولا يحبها ولا يرضاها
  من جسمٍ، ولو كان جسماً لأشبه الأجسام، وإنّما إرادتُهُ فِعْلُهُ، وفِعْلُهُ مُرَادُهُ، وليس ثَمَّ إرادةٌ غيرُ المراد فيكون مشابهاً للعباد). وذكر الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة # في الرسالة الناصحة أنّ من جملة محالات المطرفيّة قولهم في الإحالة: إنّها لا حَالَّةٌ ولا محلولةٌ مُحالٌ وذلك يدلّ على أن قول من قال في الإرادة: إنها لا حَالَّةٌ ولا محلولةٌ مُحالٌ كالقول في الإحالة.
  نعم: وفي الناس من يزعم أنّ الباري مُرِيدٌ بإرادةٍ قديمةٍ وهؤلاءِ هم الكلابيّة والأشعرية من المجبرة بناءً منهم على أصلهم في سائر الصفات وقد مر إبطاله. وقالت النجارية من المجبرة: بل هو تعالى مريدٌ لذاته وكلامهم باطل لأنه يلزم أن تكون مُتقدّمةً على المُراد، والإرادةُ المتقدّمةُ: توطينُ النفس وذلك لا يصحُّ على الباري تعالى، ويلزم أن تكون ذاته مختلفة لأنّ إرادته الصيام في رمضان خلاف إرادته تركه يوم الفطر لأنّ التخالف لا يكون إلّا بين شيئين فصاعداً. وقال هشام بن الحكم ومتابعوه من الرافضة: إرادتُهُ تعالى حركةٌ لا هِيَ هُوَ وَلَا هِيَ غَيْرُهُ وقولهم هذا غيرُ معقولٍ، ويحتمل أن يُريدوا الحركة على حقيقتها على القول بالتجسيم، وأن يُريدوا بها صفة المُريديّة التي أثبتها غيرُهُم فيكون خطأً في العبارة فقط. وقال الحضرمي وعلي بن ميثم: بل حركةٌ في غيره.
  قلنا: إذاً فالمريدُ غيرُهُ، وإن سُلِّمَ لزم الحاجة إليه وأن يكون أوّلُ مخلوقٍ غير مُرَادٍ لعدم وجود غيره تعالى وذلك يستلزم نحو العبث كما مرّ.
  واعلم: أنه يُرادفُ الإرادة في اللفظ الرّضى، والمحبَّةُ، والولايةُ، فإذا قيل: رضي الله عن فلانٍ أوْ وَالَاهُ أو أحبّهُ فمعناه: أراد نفعه منه ومن غيره، وكره