المسألة السادسة عشرة أن الله لا يريد شيئا من معاصي العباد، ولا يحبها ولا يرضاها
  ضرّه منه ومن غيره. وتحقيق ذلك المعنى؛ الحكمُ باستحقاق الثّواب قبل وقته وإيصاله إليه في وقته والكراهة ضد المحبة ومعناها: الحكم بإِستحقاق العذاب قبل وقته وإيصاله إليه في وقته، والسخط بمعنى الكراهة.
  ثم اعلم: أنّ كل فعل يصدر منه تعالى فهو مريدٌ له عندنا خلافاً لمن قال خَلَقَ إرادةً ولم يُردها. وهو تعالى مريدٌ لفعل الطّاعات وترك المقبَّحات لا فعل المباح إذ لا ترجيح لفعله على تركه، خلافاً للبلْخي، ومريد لأكل أهل الجنّة إذ هو أكمل للنعمة، وإذ لا خلاف بين العقلاءِ أنّ المُوفِّر العطاء من أهل المروة والسخاءِ يُريد أن يقبل المُعْطَى ما وفّر إليه والله جل وعلا أوْلَى بذلك، وهذا مذهب أبي هاشم خلافاً لأبي علي.
  وأمّا فعلُ المعاصي: فقالت العدلية: (إنَّ اللهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ) عن إرادته فهو تعالى (لَا يُريدُ الظُّلْمَ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَلَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) بل ذلك حادثٌ بإرادة العباد وهي منهم توطينُ النّفس على الفعل أو الترك؛ وقد تكون مقارنةً للمُراد. وقالت المجبرة: بل هو تعالى مريدٌ لكل واقع إذ لا يقع في ملك الله تعالى إلّا ما يُريدُهُ ويرضاهُ ويُحبُّه (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصحيح وهو مذهب العدلية (أنَّ الرِّضَى والْمَحَبَّةَ يَرْجِعَانِ إلى الإرَادَةِ) كما ذكرنا أنّها أسماءٌ مُترادفةٌ