المسألة السابعة عشرة في الآلام
  غيره واجبٌ كما أمرنا تعالى وقضى العقل بدفع ما نزل بنا من الأمراض وإن كانت مصلحةً لنا لو دامت ثم إذا ارتفعت بالدّواءِ تبيّن أنه لم يكن لنا مصلحةٌ فيما رفعه الله منها أو أنّ لنا في رفع المرض مصلحة أكثر من مصلحة المرض، كذلك الحكم في الألم في بلاد الأسدام والتّوقي منه.
  إذا عرفت ذلك فاعلم: (أنَّ جَمِيعَ الآلَامِ وَالنَّقَائِصِ النَّازِلَةِ بِالأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ وَسَائِرِ الْمُمْتَحَنِينَ) من المكلفين وغيرهم (اللَّاتِي مِنَ اللهِ تَعَالَى) حسنةٌ لا قُبح فيها والخلاف في ذلك مع من يُقرُّ بحدوثها ثم ينفيها عن الله تعالى فإنهم يقولون: إنها قبيحةٌ ولهذا نفوها عن الله تعالى، وقد بيّنا فيما سلف إبطالَ مقالتهم من أنه قد ثبت بالدليل القطعي أنّها من فعل الله تعالى وأفعالُهُ كُلُّها حسنةٌ ونقول: ما كان منها مُستحقّاً فوجه حسنه الإستحقاق وما لم يكن منها مُستحقّاً فنقطع أنه لا بُدَّ فيها من مجموع أمرينِ: العوضُ لِلْمُؤْلَمِ، والإعتبارُ له إن كان مُكلّفاًُ، ولغيره إن كان غيرَ مُكلّفٍ، ولا يحسُن منه لمجرد العوض لأنه يمكن إيصالُهُ من دون ألَمٍ فيكون الإيلام عبثاً ولا لمجرد الاعتبار لأنه لا يتصور في البهائم والأطفال فيكون إيلامُها لإعتبار غيرها ظلماً. وقال عبّاد بن سليمان: بل يحسُن منه للاعتبار فقط. وقال أصحاب اللُّطف وهم بشر بن المعتمر وأصحابه: بل يحسُن منه تعالى لأجل العوض فقط. وقالت المجبرة: يحسُن خالياً عنهما، واختلفوا فبعضهم قال: لا يُعلّلُ حُسْنُهُ وبعضهم قال: يُعلل بكونه تعالى مالكاً وربّاً أو ليس منهيّاً.
  (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) القول الصحيح وهو أنه لا بُدّ من مجموع