تعريف علم الكلام والأدلة من الكتاب والسنة
  عرف اللغة والإصطلاح: ما يُستحق الثوابُ بفعله والعقاب بتركه، أو ما استُحقّ المدحُ على فعله والذّمُّ على تركه بوجه مّا، فقولنا بوجه مّا، يدخل فيه كل واجب: المُعيّن، والمُخَيّر، والمُضيّق، والمُوَسّع، والكفاية، إذ المخيّر يستحق الذم بتركه وترك ما يقوم مقامه، والكفاية يستحقه عند عدم قيام غيره به.
  (عَلى الْمُكَلَّفِ) هو من أُعْلِمَ بوجوب بعض المقدورات عليه، وقبح بعضها منه، وما الأولى له إيجاده، وما الأولى له تركه، مع مشقّة تلحقُهُ في الفعل والترك، أو أحدهما، أو في سبب ذلك، أو ما يتصل بذلك، ما لم يبلُغ الحال به حد الإلجاء.
  قلنا: أُعلِمَ ليدخل الكفّار لأنهم أُعلِموا ولم يعملوا بالتكاليف الشرعية وهم مكلفون بها، وقلنا: بوجوب بعض المقدورات وقبح بعضها لأنه مكلّف بهما، وما الأولى إيجاده كالمندوب، وما الأولى تركه كالمكروه، وقلنا: مع مشقّة إحترازاً من أهل الجنّة فإنهم مع علمهم لا مشقّة معهم، وقلنا: أو في سبب ذلك، كعلم المُنتبه، باللّه فلا مشقة عليه فيه، وإنما المشقة في سببه وهو النظر، وقلنا: أو ما يتّصل بذلك نحو: حراسة الفعل من الرِّياء، والسُّمعة، وغير ذلك من المحبطات. وإن كان الفعلُ لا مشقّة فيه كتلاوة القرآن بالصّوت الحسن، وبعض العبادات لمن اعتادها وَوُفِّقَ لها، وإنّما المشقّة في المحافظة على صيانته من الرياء والعجب، وقد احترزنا عن الباري بقولنا: أُعْلِمَ، وبقولنا: مع مشقّة، لأنه سبحانه لا يُعلَّم ولا تلحقُهُ مشقّةٌ، وقولنا: ما لم يكن ملجأً احترازاً عن المحتضر وأهل الآخرة فإنهم عالمون بالواجبات والمقبّحات وليسوا بمكلفين، لِما هم فيه من الإلجاء. وزيادةُ هذا القيد مبنيٌّ على القول بأنّ الإلجاءَ يُجامع الوجوب، وعلى القول بأنه لا