المسألة السابعة عشرة في الآلام
  حَسَنٌ كالتأديب. وأما إن كان غيرَ مؤمنٍ بل صاحبَ كبيرةٍ فإيلامُهُ إمّا تعجيلُ عقوبةٍ فقط، وقيل لا عقاب قبل الموافاة. حجتنا قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْديكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ}[الشورى: ٣٠] ولا خلاف في أنّ الحدَّ عُقُوبةٌ، ولقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٠٢] ونحوه. وإمّا لإعتبار نفسه فقط كما ذكرنا أنه كالتّأديب ولقوله تعالى: {أَوَلَا يَرَونَ أَنَّهُمْ يُفتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَينِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}[التوبة: ١٢٦] وإمّا لمجموعهما أعني: لتعجيل العقوبة والاعتبار. ولا يجوز أن يكون إيلامُهُ للعوض لمنافاته العقاب، فينحبط كالثّواب كما قرّرناهُ أوَّلاً، خلافاً لرواية المهدي عن المعتزلة [العدليّة] وعليه بَنَى، وهو مقتضى كلام الكتاب لأنّهم يقولون: لو خَلَتِ الآلامُ عن العوض والاعتبار قَبُحَتْ، خلافاً للمجبرة.
  حُجَّتُنا: على المهدي والمعتزلة قوله تعالى: {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِنْ عَذَابِهَا}[فاطر: ٣٦] وقوله تعالى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ}[الأعراف: ٤٠] فلا عوض حينئذٍ. وأمّا إذا كان الإيلامُ من المخلوق فقد يكون حسناً وقد يكون غيرَ حَسَنٍ، فالحسنُ هو ما وقع على جهة العقوبة كالقصاص أو ظن حصول منفعة كالتّأديب، أو دفع مضرّة كالفصد، أو لإباحة الله سبحانه كذبح الأضاحي أو نحو ذلك. والقبيح ما كان على خلاف