المسألة السابعة عشرة في الآلام
  ذلك وهو ما وقع على جهة الجناية. وتحصيلُ القول في ذلك أن نقول لا يخلو الجاني إمّا أن يكون مُكلّفاً أو غير مُكلّفٍ، إن كان مُكلّفاً فإما أن يَوقِعَهُ بمُكلّفٍ أو غير مُكلّفٍ إن أوقعه بمكلّفٍ فلا يخلو إما أن يكون عُدْوَاناً أوْ لَا إن كان عُدواناً ولم يتب قال الهادي #: زِيدَ في عذابه بقدر جنايته وأُخْبِرَ المجنيُّ عليه بذلك فإن كان مؤمناً أُثِيب على صبره.
  قال إمام زماننا أيّده الله تعالى: ويُحَطُّ بالألم من سيّئاته بسبب التخلية لقول الوصي #: (فَأمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي فَهُوَ لِي زَكَاةٌ) أي: تطهرةٌ أي: كفارةٌ، وإن كان ذَا كبيرةٍ فلا يُزاد على إخباره لإنحباط العوض لمنافاته العقاب عندنا كما مرّ. ويمكن أن يجعله الله تعالى تعجيل عقوبة في حقه فلا يخبر كما فعل الله تعالى ببني إسرائيل حين سلّط عليهم بخت نصر فقال تعالى: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُوْلَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُوْلِي بَأسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا}[الإسراء: ٠٥] ونحوها، وإن تاب جاز أن يقضيَ اللهُ عنه لأنّ التّوبة صيّرت الفعل كأن لّم يكن، فيبطل كل ما هو فرعٌ عليه من عوضٍ وعقاب، فكما لا يعاقبه لا ينقص من عوضه وهذا الوجه هو الذي اعتمده أبو القاسم البلْخي، وجاز أن يقضي من أعواضه إن كان له أعواضٌ.
  قالت البهشميّة واعتمده المهدي #: هذا هو الوجه، وما ذكره أبو القاسم غير سديدٍ لأنّ ذلك