كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السابعة عشرة في الآلام

صفحة 216 - الجزء 1

  شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}⁣[الأنعام: ٣٨] وقال تعالى: {وَإِذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ}⁣[التكوير: ٠٥] ولا يمتنع أن يديم اللهُ التَّفضُّلَ عليها بدوام الجنّة والنار، قال بعضهم: يجوز أن يُدخِلَ اللهُ النار منها ما كان مُبْغَضاً مَنْفُوراً عنه كالحيّات والسّباع مع كونها مُتلذِّذة بذلك، ويُدْخِلَ الجنّةَ منها ما كان حَسَنَ الصورة محبوب النظر. وقال أبو هاشم: يجوز أن تُعوّضَ في الدُّنيا فلا تُعاد. وقال عبّاد بن سليمان: بل تحشر ثم تبطل بمصيرها تُراباً كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}⁣[النبأ: ٤٠] أو غير ذلك لنا ما مرّ، نعم قد دلّ - على ثبوت إنتصاف المظلومين من الظالمين - قَوْلُ اللهِ تبارك وتعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}⁣[الأنبياء: ٤٧] وإذا كان تعالى لا يُضِيعُ مثقال حبّة من خردل فكيف يَضِيعُ عنده ما هو أكثر من ذلك؟ ويدل على ذلك قول النبيءِ ÷: «يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَِةِ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ مَنْ حَضَرَ الْمَوْقِفَ: أَنَا الْمَلِكُ الدَّيَّانُ لَا يَنْبَغِي لِأحَدٍ مَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَعَلَيْهِ لِأحَدٍ مَنْ أهْلِ النَّارِ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أقْتَصَّهَا مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأحَدٍ مَنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَعَلَيْهِ لأَحَدٍ مَنْ أهْلِ الْجَنَّةِ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أقْتَصَّها مِنْهُ» وقال ÷: «إن الله تعالى ينتصف للشاة الجمَّا من ذات القرنين».