كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثامنة عشرة في الكلام

صفحة 217 - الجزء 1

«المسألة الثامنة عشرة» [في الكلام]

  في الكلام. وَحدُّهُ: ما انتظم من حرفين فصاعداً، وكان مسمُوعاً مُميّزاً، فقولنا: وكان مسموعاً تخرُج الكتابةُ، وقولنا: مُمَيَّزاً يخرج الصُّراخُ ونحوه. قال أكثر العدليّة: الْمَرْجِعُ به إلى هذه الأصوات المقطّعة المُمَيَّزة التي نسمعُها فليس بمعنىً زائدٍ على الصّوت. وقال النّظام: الصّوتُ جسمٌ والكلامُ حركة اللِّسَانِ. وقال أبو الحسين وابن الملاحمي: الْمَرْجعُ به إلى صفةٍ للجسم. وقال أبو علي: هو معنىً زائدٌ على الحروف والأصوات يُسْمَعُ معها يقارنُ الملفوظ، والمكتوب، والمحفوظ، وهو باقٍ، ويصح وُجُودُهُ في الْمَحَالِّ الْمُتَعَدِّدَةِ، وغير ذلك من الأحكام التي يخالف بها هذا الملفوظ. وقالت الأشعرية: بل الكلام معنى في نفس المتكلِّم شاهداً وغائباً، وهذه الحروف والأصوات عبارةٌ عنه قالوا: والكلام النّفساني هو المعنيُّ عند أهل اللغة بقولهم في نفسي كلامٌ ونحو ذلك؛ والصّحيح هو القول الأوّل؛ والذي يدلُّ عليه أنّا متى علمنا أصواتاً وحروفاً متقطِّعةً متميِّزاً بعضُها من بعضٍ سمّيناها كلاماً وسمّينا الفاعل لها مُتَكَلِّماً، فلو كان الكلامُ أمراً غير الذي ذكرناه لصح إنفصال أحدهما عن الآخر، فيكون الكلام مع فقد هذه الأصوات، أو لا يكون الكلام مع وجود هذه الأصوات إذ لا عِلْقَةَ بين هذه الأصوات وبين الكلام الذي يزعمونه فلما علمنا أنّ الكلام يقفُ العلم به على العلم بهذه الأصوات نفياً وإثباتاً علمنا أنها هي الكلام، واحتجاج الأشعرية