كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثامنة عشرة في الكلام

صفحة 219 - الجزء 1

  مدوّنةٌ في علوم العربية فنعم الوسيلةُ هي؛ فيكون حينئذٍ كالكلام الذي يُوجد في الأشجار والأحجار في خروج كُلٍّ عن طاقة البشر. وقال بعضهم: كلامُ الله تعالى هو الله. وقيل: هو بَعْضُهُ. وقالت الأشعريةُ: هو معنىً قديمٌ قائمٌ بذاته لا هو الله ولا هو غيره، كما يقولونه في سائر المعاني.

  وقالت الكلابية: هو معنىً أَزَلِيٌّ قائمٌ بذاته ليس بحروفٍ ولا أصوات، وهو يعود إلى قول الأشعرية سِوَى أنّ الكلابية فَرُّوا عن التّعبير بالقديم وهم مُنغمسون فيما هربُوا منه. قال الدواري: إذ معنى القديم والأزلي وَاحِدٌ. وقالت المطرفيّة: بل هو صفةٌ ضرورية قائمةٌ بقلب مَلَكٍ يُقال له ميخائيل. قالت الفرق الثلاث: والكلامُ الذي بيننا عبارةٌ عنه فقط. وقالت الباطنيّة: هذا الذي نتلوه كلامُ النبيء ÷، ومعانيه حصلت له بالفيْض من النفس الكلية وهي نفس التالي إلى نفسه ÷ وهي النفس الجزئية فصاغ هذه الحروفَ، والقرآنُ كلامُهُ.

  (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصحيح وهو أنّ كلام الله تعالى هو هذا الذي نتلوه المتواتر لدينا (أنّ) المتكلم فاعل الكلام قطعاً وذلك دليلٌ على أن كلام الله تعالى فِعْلُهُ. وقد ثبت بما مرّ أنّ الكلام هو الحروفُ والأصواتُ، والحروفُ والأصواتُ غيرُهُ تعالى لأنّها أعراضٌ وهو ليس بجسمٍ ولا عرضٍ. ويُقال لمن أثبت الكلام النّفسي: هو إمَّا الحروف والأصوات فيلزم حدوثه كهذا الذي هو عبارة عنه، أو غيرهما فلا يصح أن يكون هذا عبارة عنه لاختلاف الماهيّتينِ.

  قال السيد أبو طالب: وأيضاً فإنّ كلامه تعالى لا يخلُو من أنْ يكون من جنس الكلام المعقول فيما بيننا وهو أن يتركّب من جنس الأصوات والحروف أو