المسألة الثامنة عشرة في الكلام
  وَرَوَى أَخْبَارَهُ) - لا فرق بين الأثر والخبر - فإنه ÷ قد شهد له المعجزُ بالصّدق وإصابة ما اعتقده بظهوره على يديه لأنّ ظهوره على من لّا يكون كذلك قبيحٌ والله تعالى لا يفعل القبيح لِمَا تقدّم بيانُهُ، وإذا ثبت ذلك وجب علينا تصديقُهُ فيما قال، واتِّباعُهُ فيما دَانَ به. ومعلومٌ بالضرورة أنه كان يَرَى ويعتقد أنّ القرآن الذي أتى به كلامُ الله تعالى دون أن يكون كلاماََ له # أو لغيره من المتكلمين، ويخبر الناس بذلك، واستمرّ على هذا إجماعُ المسلمين بعده ÷ إلى أن حدث مذهب هذه الطوائف التي ضلّت وأضلّت، فيكون الإجماعُ حُجَّةً عليهم أيضاً، ونَقْلُ ما ذكر عن النبيء ÷ وإن كان بالآحاد فمعناه متواترٌ شبيهٌ بأخبار سخاءِ حاتم وفصاحة امراء القيس وشجاعة عنترة، فإنّ كل خبر منها وإن كان آحاديّاً إلَّا أنّ معناه قد صار متواتراً فيفيد القطع إذ المعنى هو المقصود (وَقَدْ) جاء السمع بتأييد ما ذهبنا إليه أيضاً (قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأمَنَهُ}[التوبة: ٠٦] وَلَا شَكَّ أنّ الْكَلَامَ الْمَسْمُوعَ هُوَ الْقُرَأَنُ) والمعنى غيرُ مسموعٍ. فإن قالوا: ذلك مجازٌ.
  قلنا: خلافُ المُجمع عليه عن أهل اللسان العربي، ولعدم الاحتياج إلى نصب القرينة عند إطلاقه على المسموع، ولو سُلِّمَ جُعِلَ للتفاسير ما له من الأحكام إذ هي عبارةٌ عنه. وقال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ