المسألة الثامنة عشرة في الكلام
  وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: ٢٠٤] وقال تعالى: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}[الجن: ٠١] وقوله تعالى: {قَالُوا يَاقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى}[الأحقاف: ٣٠] وقوله {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهُدَى آمَنَّا بِهِ}[الجن: ١٣] إلى غير ذلك من الآيات. ثم نقول لهم: أَخبرونا عن الكلام الذي سَمِعَهُ موسى [#] من الشّجرة هل سَمِعَ الشّجرةَ ولم يسمع الكلامَ أو سمع الكلام؟ فإن قالوا: سمع الشجرة ولم يسمع الكلام أَحالُوا وخالفوا جميع الأئمة والأُمة، ويلزم أن تكون الشجرةُ هي الحُجّةَ دون الكلام، فلم يبق إلّا أن يكون المسموعُ هو الكلامَ الذي خلقه الله تعالى وجعل محلّه الشجرة وذلك هو الحجةُ. وقال رسول الله ÷: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا مِنْ بَعْدِي أبَداً كِتَابَ الله وَعِتْرَتِي أهْلَ بَيْتِي إِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ نَبَّأَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَليَّ الْحَوْضَ» وقال ÷: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بأَصْواتِكُمْ فَإنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنْ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْناً» إلى غير ذلك من الأَخبار. وأمّا قولهم: إنَّ كلام الله معنىً قديمٌ و أزلي فذلك قولٌ باطلٌ لأنّا قد بيَّنَّا أنه لا قديم سوى الله تعالى. وأمَّا قولهم: إنه قائم بذات الباري تعالى، فإن أرادُوا بذلك أَنهُ حَالٌّ فيه كما يُقال: الكونُ قائمٌ بالجسم أي: حالٌّ فيه فذلك قولٌ باطلٌ لأنّ الحلول لا يجوز إلّا على المحدثات، وإن أرادُوا بالقيام بالذّات الْحِفْظَ كما قال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[الرعد: ٣٣] أي: حافظٌ فذلك لا يجوز على مذهبهم لأنه متى كان قديماً