المسألة التاسعة عشرة أن القرآن محدث
  مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبونَ}[الأنبياء: ٠٢] وقال تعالى: {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ}[الشعراء: ٠٥] وجه الإستدلال بالآية الأُولى أنَّ الكفار كانوا يلعبون ويلغون عند إِستماع القرآن ونزوله فنزلت هذه الآيةُ ذَمّاً لهم، وإخباراً عن حالهم، وأنّ قلوبهم لَاهِيَةٌ عن ذلك، فكان ذلك معهوداً بصرف الخطاب إليه وثبت بهذه الآية حُدُوثُ الذِّكر وهو القرآنُ لأنّ القرآنَ يُسمّى ذكراً لقول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ}[الزخرف: ٤٤] ولقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٠٩] وهكذا وجه الدلالة في الآية الثانية (وَغَيْر ذَلِكَ) من الأدلّة السّمعية كقوله تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا}[الزمر: ٢٣] وهذه الآيةُ تدلُّ على حدوث القرآن من وجوهٍ:
  أحدها: أنه وَصَفَهُ الله بأنه مُنَزَّلٌ، والقديمُ لا يجوز عليه النُّزول.
  وثانيها: أنه وصفه الله بأنه حَسَنٌ، والحسنُ من صفات الْمُحْدَثِ.
  وثالثها: أنّه وصفه بأنه حديثٌ والحديثُ يناقض القديم.
  ورابعها: أنه وصفه بأنه كتابٌ، والكتابُ هو: المُجْتَمِعُ ولذلك سُمِّيتِ الكتيبةُ كتيبةً لإجتماعها، والإجتماع من صفة المحدثات.
  وخامسها: أنه وصفه بأنّه مُتشابِهٌ والمراد بذلك أنّ بعضه يُشبه البعضَ في جَزَالَةِ ألفاظِهِ وجَودَةِ معانيه، والقديمُ لا يُشبهه غيرُهُ فثبت أن قول الحشوية: - بأنّ هذا القرآن الذي نتلُوه في المحاريب قديمٌ - في غاية السُّقوط ونهاية البطلان.