كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العشرون في النبوءة

صفحة 233 - الجزء 1

  عند أهل العدل، وهذا على القول بأنّ الطاعات شكرٌ. قال إمام زماننا أيَّدهُ الله تعالى: وذلك هو أصل قدماء العترة $، وقد صرح بذلك الهادي # لأنه قال: لا بُدّ من رسول لِيُنْبِاءَ عن الله تعالى ببيان أداء شكره بما شاءَ من الشرائع على ما منّ به من النعم ويُميّز بذلك مَنْ يشكره ممّن لا يشكره، إذ قد ثبت أنه تعالى ليس بجسمٍ فامتنع أن يُلقِى مشافهةً، والحكيم لا يترك ما شأنه كذلك هَمَلاً. وذهب المهدي #، وكثير من المعتزلة، وبعض صفوة الشيعة إلى أنه يجب على الله إرسال الرُّسل لأنّ البعثة لطف للرسول والمُرسل إليه، وهو يجب على الله تعالى، والشّرائع ليست شكراً وإنّما هي ألطافٌ في العقليّات، والشكر الاعتراف فقط، وقد قدمنا في بطلان مقالتهم ما يغني عن الإعادة.

  والنُبوءة: تُستعمل في اللغة بالهمز وبغير الهمز، فبالهمز من الإِنباءِ وهو الإخبار، وبغير الهمز من نَبَا يَنْبُو إذا ارتفع، فالنبي إمّا بالتشديد فهو فعيل بمعنى فاعل كعليم وسميع. وإمّا بالهمز فهو فعيل بمعنى: مُفْعِل بكسر العين كنذير أو بفتحها كالقرآن الحكيم، وقد منع أبو علي أن يُسمّى نبيئُنا مُحَمَّدٌ ÷ نَبِيئاً بالهمز من الإنباء وهو الإخبار لأنه حين قال له الأعرابيُّ: يا نبيءَ اللهِ بالهمز قال: «لَسْتُ بِنَبيءِ اللهِ وَإنّمَا نَبِيُّ اللهِ أنَا»، وكلامه ضعيف لأنّ قواعد اللغة تقتضي صحة الإطلاق لحصول المعنى. وورد في القراءات