المسألة العشرون في النبوءة
  أنّه سُئل عن عدد الأنبياءِ فقال: «هم مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفاً. وسُئل عن عدد الرُّسُلِ؟ فقال: هم ثلاثمائة وثلاثة عشر» وقولنا في الحدِّ: إلى أزكى البشر إلى آخره إشارةٌ إلى الصفة التي يجب أن يكون الأنبياءُ [$] عليها، فيكون النّاس أقرب إلى قبول كلامهم. وهذه الصفة على ضربين: ضربٌ من جهة الله تعالى، وضربٌ من جهة النبيء، فالذي من جهة الله تعالى: أربعة أشياء:
  الأوّلُ: حسن الخلقة: فلا تكون صورته من الصور المستنكرة الشنيعة.
  الثاني: أن يكون سليمَ الأعضاء عن النقصان.
  الثالث: أن يكون سليماً عن العاهات كالجذام والبرص.
  الرابع: أن يكون وَافِرَ العقل. وقد جرت العادة من الله تعالى بخلقه النّبيئين على أتمّ ما يكون من أهل زمانهم، وبالخصال المحمودة من أفعالهم. وأمّا التي ترجع إلى الرسول فأُمورٌ ثلاثةٌ:
  الأوّل: أن يكون مجتنباً للكبائر قبل البعثة وبعدها.
  الثاني: أن يكون مجتنباً للمعاصي مطلقاً المُتعلّقة بإبلاغ الرِّسالة.
  الثالث: أن يكون مجتنباً للمباحات المنفِّرة، كالمداعبة المُنَفِّرة، والأكل في الأسواق ومجامع الناس منفرداً بذلك دون غيره، وكذلك سائر الخِلال التي يُنسب فاعلُها أو تاركُها إلى خلاف مكارم الأخلاق، بل يُنسب إلى الْخُلُقِ الذّميم. وأمّا الصغائرُ فإنها جائزةٌ على الأنبياءِ $ بشرطينِ:
  أحدهما: أن لّا تكون منفِّرةً.
  الثاني: أن لّا تكون متعلّقة بإبلاغ الرّسالة وتأدية الشرائع؛ فأمّا ما كان كذلك فإنه لا يجوز عليهم عمداً ولا خطأً، واشترط أبو علي شرطاً ثالثاً وهو أن يكون فعلُها بتأويلٍ، وهو يأتي على مذهب قدماءِ أئمتنا $ وإمَام زماننا أيّدَهُ اللهُ تعالى: أن وقوعها منهم إمّا على جهة التّأويل أو السهو، لا على جهة العمد