كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العشرون في النبوءة

صفحة 240 - الجزء 1

  وقالت الإماميّة: بل يجب للأئمة بناءً منهم على أنهم كالأنبياءِ. وقال عبّاد بن سليمان: يجوز ظهوره على حجج الله، في كل زمانٍ على أهله، ليكون حُجَّةً على وجوب اتِّباعهم. وقالت الملاحمية والحشوية: بل يجوز ظهوره للصالحين، وبه قال أبو رشيد، وأبو الحسين البصري، وهو إختيار المؤيد بالله [#]، والمنصور بالله [#]، ورجحه الدواريُّ؛ وهو قريبٌ من قول عبّاد. وقالت الأشعرية: يجوز ظهوره للصالحين، وللكفرة أيضاً. ومن ادَّعَى الربوبية كفرعون، والنمرود، ومن لم يدّعها كعبدة الأوثان، لقيام البراهين العقلية على كذبه. لا لمن يدّعي النبوءة كاذباً لأنّ في ذلك هدماً للشرائع وهو نقص لا يجوز من الحكيم وكل أقوال هؤُلاءِ باطلةٌ سوى القول بأنه لا يجوز ظهوره على غير نبيءٍ لِمَا ذكرنا من لزوم التّسوية بين الأنبياء وبين سائر الناس؛ وفي ذلك هدمٌ للشرائع المعلوم وجوبها من الدين ضرورة، إذ الكفار يقولون للنبيء: لا نصدقك لأنه قد أتى بهذا من ادَّعَى الربوبية وهو كاذب، ومن ادَّعَى الإمامة وهو كاذب، أو الصّلاح، أو كونه مُحِقّاً في حُجّةٍ، فلعل المعجزة كانت لبعضها، لكنك تَجَارَيْتَ بالكذب طمعاً في نيل الدرجة العُلْيا وهي: النُّبَوءَة. والله تعالى حكيم لا يفعل ذلك. وأيضاً: لا يكون مُعجزاً إلَّا إذا كان مُعَرِّفاً بالنّبوءة ولم يقع تعريف، أو بعد الدّعوة، والدعوة لا تكون إلّا بعد الوحي أنْ سيفعل ذلك، وليس الوحيُ إلّا للأنبياء إجماعاً.

  قال أئمتنا $: فأمّا الكراماتُ التي تحصل للصالحين نحو: إنزال الغيث، وإشفاءِ المريض، وتعجيل عقوبة بعض الظالمين الحاصلة بسبب دُعائهم فليست بمعجزاتٍ لعدم حصول شرط المعجز وإنّما هي إجابةٌ من الله تعالى لدعائهم لأنّ الله تعالى قد تكفّل لهم بالإجابة.

  قلت: وهم يعنون بالكرامات ما ليس من الخوارق