المسألة العشرون في النبوءة
  إلى فحصٍ وتفتيشٍ بخلاف الثّالث، مع الإشتراك في أنها معلومةٌ بالضرورة. قال الدواريُّ: بل هي محتاجةٌ إلى ذلك إلّا أنّه في الآخِر أكثر. والحاصل أنّ لنا في بيان ذلك طريقينِ: أحدهما: أنه (مَعْلُومٌ ضَرُورَةً لِمَنْ كَانَ لَهُ أدْنَى فَحْصٍ وَتَفْتِيشٍ، فَمَنْ عَرَفَ أحْوَالَهُ ÷، وَسمِعَ سِيَرَهُ وَأَخْبَارَهُ، عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَغْشَى مَجَامِعَ الْعَرَبِ وَمَشَاهِدَهُمْ وَيَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ وَيَتَحدَّاهُمْ بِهِ وَالأمْرُ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ وَ) والطريق الثّاني (أنَّ الْقُرْآنَ مَشْحُونٌ بِآيَاتِ التَّحَدِّي وَقَدْ رَتَّبَ اللهُ) التّحدي في ثلاث مراتب: الأُولى: أنه تحدّاهم أن يأتوا بمثل القرآن قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ ٣٣ فَلْيَأتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ٣٤}[الطور] ثم أخبر أنهم لا يأتون بمثله قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[الإسراء: ٨٨] فلمّا لم يأْتوا بشيءٍ من ذلك أنزلهم مرتبةً ثانيةً فتحدّاهم أنْ يأْتوا بعشر سُوَرٍ فقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[هود: ١٣] فلمّا لم يأتوا بشيءٍ من ذلك أنزلهم اللهُ مرتبةً ثالثةً فتحدّاهم أن يأتوا بسورةٍ من مثله قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة: ٢٣] فلمّا لم يأتوا بشيءٍ من ذلك توعّدهم وتهدّدهم فقال تعالى: