كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العشرون في النبوءة

صفحة 247 - الجزء 1

  لم يعلموا وذلك قبيح يتعالى الله عنه. وأمّا المدة التي لا يمكن فيها بلوغ العلم إلى المبعوث إليهم فإنه لا تكليف عليهم في تلك المدة لتعذُّر إمكان العلم بما كُلِّفُوهُ.

  فإن قيل: إن يأْجوج ومأْجوج؛ بيننا وبينهم الرّدْمُ وهم من الناس فكيف يكون الاتّصالُ بهم لِلتّبلِيغِ؟ قلنا: ذكر الدواريُّ في الجواب ما لفظه: ذكر في المحيط لابن مُتَّوَيهْ انتهى. ولم يذكر بعد ذلك شيئاً. وفي التهذيب للحاكم: يحتمل أن يكونوا غير مكلّفين، ويحتمل أنها لم تبلغهم دعوة النبيء ÷ لعدم الإمكان، ويحتمل أن الذين يَتَداوَلونَ الرّدمَ سَمِعُوا ذلك فيكونون مكلفين به. قلت: وعموم الأدلّة تقضي بذلك إذ هو مُرْسَلٌ إلى الثقلين: الجن والإنس وهم من الإنس.

  الثانية: في طريق النبيء ÷ إلى معرفة نبوءة نفسه هو خبر جبريل # مثلاً، لكن لا بُدّ أن تظهر معجزة على يَدَيْ جبريل تدُلُّ على صدقه. وأمّا جبريلُ # فطريق معرفته لرسالة نفسه: هو سماعُ كلامٍ من رب العزّة يَخْلُقُهُ في جِسْمٍ ويقرنه بما يدلُّ على أنه ليس من كلام غير الله تعالى، حتّى يعلم جبريلُ [#] ذلك يقيناً لا شَكَّ فيه بوجهٍ أصلاً.

  الثالثة: في فضل الملائكة على الأنبياءِ وفضل نبيئنا خاصّة على سائر الأنبياءِ. أمّا فضلُ الملائكة على الأنبياءِ فذلك مُخْتَلَفٌ فيه، فعند أئمتنا $، ومن وافقهم من المعتزلة، وغيرهم أنّ الملائكة أفضلُ من الأنبياءِ $، ومعنى ذلك أنّ ثواب أدْنَى الملائكة لا يُساويه ثوابُ أفضل الأنبياءِ $. وقالت الأشعرية: بل الأنبياءُ أفضل.

  حُجّتُنَا: قوله تعالى: {لَّا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ}⁣[التحريم: ٠٦] فدلّت على عصمتهم من جميع المعاصي: صغيرها وكبيرها.