كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العشرون في النبوءة

صفحة 248 - الجزء 1

  بخلاف الأنبياء فإنها تجوز عليهم الصّغائر. وقَولُهُ تعالى مُخاطباً لنبيئنا ÷: {قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزآئِنُ اللهِ وَلَآ أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ إِنّي مَلَكٌ}⁣[الأنعام: ٥٠] وقَولُهُ تعالى حاكياً عن وسوسة إبليس لآدم وحوّى {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخَالِدَينَ}⁣[الأعراف: ٢٠] وقريبٌ منه قوله تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا المَلَائِكَةُ المُقَرَّبُونَ}⁣[النساء: ١٧٢] وبيان الإستدلال بها: أنّ ذلك تَرَقٍّ من درجةٍ إلى أعلى منها يعرفُ ذلك العالمُ بأساليب أهل اللسان العربي يقال: لا يأنف فلانٌ من تعظيم العالم، ولا مَنْ هو أعظم منه. وأمّا سجود الملائكة [$] فلم يكن لآدم على الحقيقه. بل لِلَّهِ لإحداثِهِ تلك الخلقة الكريمة. وكان آدمُ قبلةً لسجودهم فقط. ولا نُسَلِّم أنّ تكليف البشر أشقّ من تكليف الملائكة لأنّا نقطع أنّ لهم شهوة ونفرة مع استمرارهم على الطاعة على مضي الأزمان والقُرون، ولئن سلّمنا ذلك، لكن ربّما كان التكليف الذي مدّته في غاية الطول يقتضي من الثواب أكثر ممّا يقتضيه التكليف الشّاق الذي مدته قصيرة يسيرة. وأمّا كون الملائكة كانوا من أنصار نبيئنا ÷ فليس فيه ما يقتضي أفضليته عليهم. وأمّا فضل نبيئنا ÷ خاصة على سائر الأنبياء $ فهو معلومٌ من دينه ÷ ضرورةً، ومن إجماع المسلمين. وقد قال ÷: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وكذا «أنَا أوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، وَأنَا أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرْضُ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ» ونحو ذلك. وأمّا قوله