كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

باب الوعد والوعيد

صفحة 249 - الجزء 1

  ÷: «لاتفضلوني على يونس بن متَّى» فقد تُؤُوِّل بأنه لم يكن قد علم أفضليته، أو أراد لاتفضلوني في صحة النبوءة ووجوب الإتِّباع، أو قال ذلك رَدْعاً للجاهلين حين طعنوا على يونس [#] لذهابه مُغَاضِباً، أو إيثاراً للتّواضع كما يفعله صالحُ المكلّفين. ويجوز تفاضُلُ سائر الأنبياءِ خلافاً لضرار، حجتنا قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً}⁣[الإسراء: ٥٥] ولا مانع منه من جهة العقل.

«بَابُ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ»

  حقيقةُ الوعد: الخبرُ عن إيصال النّفع أو دفع الضرر إلى الغير في مستقبل الزّمان من جهة الْمُخْبِرِ إلى الْمُخْبَرِ. فقولنا: الخبر جنسُ الحدّ وقولنا: عن إيصال النفع أو دفع الضرر إحتراز من الخبر عن إيصال الضرر فإنّ ذلك لا يُسمَّى وعداً بل وعيداً كما سيأتي. وقلنا: إلى الغير إحترازاً من الخبر بوصوله إلى نفسه، وقلنا في مستقبل الزمان ليخرج عنه الخبر عن الماضي والحال فإنه لا يُسمَّى وعداً، وقولنا من جهة المُخْبِرِ إلى المُخْبَرِ إحترازٌ من الخبر بإيصال النفع من جهة الغير فإن ذلك لا يُسمَّى وعداً ولا يُسمَّى فاعله وَاعِداً بل ذلك بَشَارَةٌ، والفاعل يُسمَّى بشيراً؛ ولهذا فإنّ النبيء ÷ يُسمَّى بشيراً لنا لأنّه أخبر بإيصال النفع إلينا من جهة الباري تعالى لا من جهته.

  وحقيقة الوعيد: هو الخبرُ عن إيصال الضرر وفوت النفع إلى الغير في