كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة العشرون في النبوءة

صفحة 250 - الجزء 1

  مستقبل الزمان من جهة المُخبِرِ إلى المُخبَرِ وهو في الإحترازات كما في الوعد، إلّا أنّ الضّرر فيه يُذكر في موضع النفع من الوعد، وفوت النفع في موضع دفع الضرر. والوعدُ من الله تعالى إخبارٌ بالثواب، والوعيد منه إخبارٌ بالعقاب. قالت العترة، وصفوة الشيعة، والمعتزلة، وغيرهم: وهما مُستَحَقَّانِ عقلاً وسمعاً هكذا في الأساس.

  قلت: والتعبير بالإستحقاق للثواب لا يأتي على رأي جمهور الأئمة [$] لأنهم يقولون: لا يجب عليه تعالى واجبٌ فلا يُستحق عليه حينئذٍ لأنّ تأدية هذه التكاليف شكر على ما أنعم به تعالى؛ وهذه التكاليفُ يسيرةٌ في شكر الْمُنْعِمِ؛ وغيرُ مقاومةٍ لها. ورَوَى في الأساس عن المجبرة: أنهما يُستحقَّان سمعاً فقط.

  قلت: المشهور من مذهبهم أنّ الثواب لا يجبُ عليه تعالى بناءً على أصلهم وهو أنّه لا يجبُ على الله تعالى واجبٌ ولا يَقْبُحُ منه قبيحٌ، وعلى قولهم لا يقبُح منه قبيحٌ يلزم منه عدم إستحقاق العقاب للعاصي وقد صرّح به بعضُهم. والخلاف المشهور في هذه المسألة للكرامية، وابن الراوندي، والسيد أبي القاسم الموسوي من المعتزلة فقالوا: إنّما يُعلمُ إستحقاقُهما سمعاً فقط وهي أدلّة الوعد والوعيد.

  وحجّتُنا عليهم: تَبَادُرُ العقلاءِ إلى تصويب من طلب المكافأة على الإحسان، ومن عاقَبَ على الإساءة، وذلك دليلٌ على حُسنهما وإستحقاقهما، إذ طَلَبُ ما لا