كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

العقل

صفحة 44 - الجزء 1

  ذلك من علوم العقل.

  وقوله جليُّ أُمور المراد به: العلم بالأمور الجليّة قريبة العهد، كالزلازل الظاهرة، وموت سلطان البلد، وإطباق الغيم، ونحو ذلك.

  وقوله والتّعلُّق تاسعٌ المراد به: العلم بإسناد الفعل إلى فاعله، كإسناد البناءِ إلى بَانيهِ والكتابة إلى كاتبها.

  وقوله: وعاشرها تمييزُ حسن وضدّه المراد به: العلم بحُسْنِ الحَسَنِ، وقُبح القبيح، نحو: علم الواحد منّا بحُسْنِ ردّ الوديعة، ووجوب قضاء الدين ونحو ذلك وعلمه بقبح الظلم والكذب [الضّار] ونحو ذلك.

  فهذه العلوم العشرة زعم المهدي، والمعتزلة، ومن تابعهم، أنها نفس العقل، وكلامُهُم باطلٌ، وبيان بطلانِهِ: أنا نعلم قطعاً أنه يُعَدُّ من العقلاءِ من لّم يتصوّر جميعها، بل بعضها، وأيضاً: فإن العاقل منَّا يشتغل بدقيق الفكر والنظر، ويستنبط العلوم الغامضة، ولا يُحضرها جميعاً بباله ذلك معلوم عند كل عاقل غير مكابر، فلو كانت هي العقل لم يُعد من العقلاء إلّا من تصوّر جميعها، ولَمَا أمكن العاقل الاشتغال بنحو: النظر إلَّا بإحضارها جميعاً ببالهِ وقد بينَّا بطلانه، وأمّا تكليف المكلَّف بالشرعي فيعتبر فيه ما تقدم من كمال العقل، وبلوغه بالإحتلام، أو الإنبات، أو السّنين، أو نحو ذلك على ما هو مقرّرٌ في كتب الفقه، وقد بنى إمام زماننا القاسم بن محمد أيّده الله