المسألة العشرون في النبوءة
  ثوابه وعقابه. قالوا: وهي التي ذكرها الله تعالى بقوله: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ}[الأعراف: ٤٦] وقال بعض أصحابنا: إن الأعراف أعَالِي الجنّة، وقيل هي أعَالِي الحجاب الذي بين الجنة والنار، وهو المراد بقوله تعالى {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ}[الأعراف: ٤٦] وأنّه يُحبس فيه من قَصُرَ عمله عن السّبق إلى دخول الجنة، أو من استوت حسناتُهُ وسيئاته على الخلاف، ثم يدخلون الجنة، وهم المعنيُّون بقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ}[الأعراف: ٤٩].
  واعلم أنّه إذا فعل المكلّفُ العاصي طاعةً من دون أن يتوب من معصية الفسق فقد سقط القضاءُ إجماعاً. وهل تُسقط الطاعة شيئاً من عقاب المعصية، أوْ لَا؟
  خِلَافٌ: فذهب الشيخ أبو علي إلى أنّ الإحباط وهو: إسقاطُ العقاب لجميع الثواب، والتّكفير وهو: إسقاطُ الثواب لجميع العقاب يقعانِ بسقوط الأقل بالأكثر سواءٌ أَتقدّم إستحقاق الثّواب أو إستحقاق العقاب. فمن له أحَدَ عَشَرَ جُزءاً من الثواب، وفعل ما يوجب عشرة أجزاء من العقاب سقط الأقلُّ وهو العشرة، وبقي الأكثرُ وهو الأحَدَ عَشَرَ وكذا في العكس.
  وقال المهدي #، والبهشمية - وهو إدِّعَاءُ القاضي جعفر الإجماع - الإحباط والتكفير يقعان بالموازنة، فتساقط العشرتان ويبقى له جزءٌ من الثواب، وكذا في العكس، وهذه تُسمَّى مسألة الموازنة.
  حجة أبي علي من وجوهٍ ثلاثة:
  أحدها: أنّ سقوط الثّواب عقابٌ، والعكس. فيلزم في الصورتين السابقتين أن يكون مُثَاباً مُعَاقَباً في حالةٍ واحدةٍ بخلاف ما إذا أسقطنا الأقلّ بالأكثرِ فلا يلزمنا شيءٌ.