المسألة الثانية والعشرون في عقاب الكفار
  البطخي يقول كذلك. (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصحيح من جهة العقل ومن جهة السمع أمّا العقلُ فهو أنّا نعلم تلازم الذّم والعقاب؛ لاتِّحاد مقتضيهما، ولأنّ الذّم فيه إضرارٌ وإستخفاف وهو لا يحسُن إلّا للمُستَحِقِّ، وإذا ثبت تلازمهما فمن المعلوم من أحوال الكفار حسن ذمِّهم دائماً، وهذا لا خلاف فيه، فيجب أن يكون العقابُ مُسْتَحَقّاً كذلك. وهكذا الكلام في الفسّاق، ولكن ليست هذه المسألة مسألتهم. وأمّا السمعُ فهو ما نعلمه ضرورةً (أنّ النبيء ÷ كان يدينُ بذلك ويُخبِرُ به) فإن من المعلوم الذي لا شك فيه أنه كان يتوعّد مَنْ خالفه وجحد ما جاء به بالنار التي وقودها النّاسُ والحجارةُ أُعِدَّتْ للكافرين (وَهُوَ ÷ لَا يَدِينُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يُخْبِرُ إلَّا بِالصِّدْقِ) لشهادة المعجز بصدقه كما مرّ (وَقَدْ وَرَدَ بِهِ الْقُرآنُ الْكَرِيمُ) قال تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة: ٢٤] وقال تعالى بعد ذكر الفُجّار {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ}[الإنفطار: ١٦] والفُجّار يشمل الكفّار والفسّاق بالإجماع، وهذا صريحٌ في الدَّوام، والتّأبيد؛ إذ لَوِ انْقَطَعَ لكانوا قد غابوا عنها وغير ذلك من الآيات اللَّاتي سيأتي ذكرها في مسألة الإرجاء إن شاء الله تعالى (وَ)