كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثالثة والعشرون في عقاب الفاسقين

صفحة 260 - الجزء 1

  كذلك السُّنَّةُ دالّةٌ على ذلك فإنها (قَدْ وَرَدَتْ بِهِ الأخْبَارُ) كما روي عنه ÷: «مَنْ تَحَسَّى سُمّاً فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي النَّارِ خَالِداً فِيهَا مُخَلَّداً» وروي عنه ÷ أنه قال: «مَنْ تَردَّى مِنْ جَبَلٍ فَهُوَ يَتَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فِي النَّارِ خَالِداً فيها مُخلَّداً» وروي عنه ÷ أنه قال: «مَنْ وَجَا نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَا بِهَا بَطْنَهُ فِي النَّارِ خَالِداً مُخَلَّداً، وَمَنْ عَلَّقَ سَوْطَاً بَيْنَ يَدَيْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ جَعَلَ اللهُ ذَلِكَ السَّوْطَ حَيَّةً طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً تُسَلَّطُ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ ألِيمٌ» وهذا على سبيل الإستظهار، وإن كانت هذه الأحاديث لا تصلُحُ حُجَّةً في هذا المقام (وَهُوَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ) في الصدر الأوَّل وفي من كان قبل هؤلاء المخالفين، حتّى أحدثوا هذا القول، والإجماعُ حُجَّةٌ واجبَةُ الإتِّباع لقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مَن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}⁣[النساء: ١١٥] وقوله ÷: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» والعِترةُ مُجمعةٌ على ذلك أيضاً وإجماعُهُم حُجَّةٌ وَاجِبَةُ الإتّباع على ما ذلك كله مقرّر في مواضعه من أُصول الفقه (فَثَبَتَ بِذَلِكَ) الذي ذكرنا من الأدلّة القطعيّة (خُلُودُ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ) وبطل قول المخالفين.

«المسألة الثالثة والعشرون» [في عقاب الفاسقين]

  أنّه يجبُ على المكلَّف أن يعلم: (أَنَّ مَنْ تَوَعَّدَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْفُسَّاقِ بِالنَّارِ) كمرتكب الفواحش التي هي غيرُ مخرجةٍ من الملّة: من الزّنا، وشرب