المسألة الثالثة والعشرون في عقاب الفاسقين
  الخمر، وتارك الصلاة، والزكاة، ونحو ذلك (فَإِنَّهُ إِذَا مَاتَ مُصِرّاً عَلَى فسْقِهِ غيْرَ تائِبٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ صَائِرٌ إلى النَّارِ وَمُخَلَّدٌ فِيهَا خُلُوداً دَائِماً) هذه هي مسألة الإرجاءِ الكثيرة الأنظار العظيمة الأخطار. وسنهديك فيها إن شاء الله تعالى إلى منهاج الصّواب، ونوقفك من براهين الحقّ الواضحة على ما ينفي عنك كل شكّ وارتياب، وذلك بإعانة الله سبحانه وتوفيقه وهدايته فهو قادر على ما يشاءُ كريمٌ وهّابٌ.
  فنقول: ما ذكره الشيخ مؤلّفُ الكتاب من القول بتخليد الفُسّاق المُصِرِّينَ في أنواع العذاب فهو الذي عليه جمهور أهل العدل من الزيدية والمعتزلة. والخلافُ في ذلك مع المرجئة على طبقاتها فعندهم أنّ الفُسّاقَ من أهل القبلة لا يقطع بخلودهم في النار وهم مجمعون على ذلك ثم افترقوا فمنهم: من قطع على أنّ الفُسّاق لا يدخلون النار، وهم الكراميّة، ومقاتل بن سليمان، والخراسانيّة، بل قالوا ذلك في المشرك كما مرّ.
  القولُ الثاني: لبشر المريسي من الفقهاء فإنه قطع بدخولهم النار وخروجهم منها.
  القول الثالث: لمحمد بن شبيب من المعتزلة أنّ الفاسق يستحق عقوبة دائمة إلّا أنه في الآخرة يجوز أن يعفُوَ اللهُ عنه وإذا عفا عن البعض عفا عن الكُل، وإلّا أدّى إلى المحاباة؛ وهي لا تجوز عليه تعالى.
  القول الرابع: للخالدي فإنه ذهب إلى أن الفاسق الذي صدرت منه طاعةٌ تنقطع عقوبتُه لأنها تردُّ عقوبته من الدّوام إلى الانقطاع، ومنهم من قال: آيُ الوعد والوعيد متعارضةٌ فنقف؛ وهذا مرويٌّ عن جماعةٍ منهم: أبو حنيفة. ومنهم