كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثالثة والعشرون في عقاب الفاسقين

صفحة 264 - الجزء 1

  وبحثنا في مفهومات تلك الألفاظ، واختبرناها وجدناها مفيدةً للعموم، وعلمنا علماً قطعيّاً لا تعتريه الشُّكوكُ. لا يُقال: معاني الألفاظ إنّما تُعرف بالنقل، فإن كان تواتراً فكيف خالف فيه كثيرٌ من الناس وهو ضروريٌّ، وإن كان آحاديّاً فلا يفيد القطع؛ لأنا نقول [نفس] الألفاظ منقولةٌ إلينا بالتّواتر، وأمّا معانيها فإنّما عُلمت بالبحث والاختبار فكان العلمُ بها نظريّاً بواسطة النقل التّواتُري لنفس الألفاظ، فاحتملت الخلاف.

  الثالثة: أنّ دلالة تلك العُمُومات على مدلولاتها قطعيّةٌ إذ يُقطعُ بمدلولاتها بعد البحث عن المخصِّص فلم يوجد، وينتفي التّجويزُ لإستثناءٍ ونحوه. وقال أبو شمر: يجوز أن يكون في عمومات الوعيد إستثناءٌ، أو شرطٌ مخصّصٌ له بالكافر، تقديرُهُ إلّا أن أعفُو، أو إن لّم أعف، أو إن لم يكن مُقِرّاً بلسانه أو نحو ذلك. والدليل على بطلان ما ادّعاه أنه إذا ثبت أنّ العموم هو مدلول تلك الألفاظ، وأنّ الله تعالى لا يجوز أن يخاطب بخطابٍ ويُريد به غير ظاهره وإلّا كان مُعمِّياً ومُلَبِّساً ثبت أنّ دلالتها على المعاني قطعيّة غير مشكوك فيها البَتَّةَ لاسيما العُمُومات التي لا يتعلّق بها عمل، بل إنما يُطلبُ بها الاعتقاد فقط كما ذهب إليه المحققون من أهل أصول الفقه.

  الرابعة: أنّ العموم بعد تخصيصه بَاقٍ على حُجّته القطعيَّة فيما بقي بعد التخصيص، وخالف في ذلك الأصمُّ، وغيرُهُ من المجبرة، وبعض المعتزلة وقالوا: العموم إذا خُصِّصَ بطلت حُجَّتُهُ وصار