المسألة الرابعة والعشرون في المنزلة بين المنزلتين
  أنّهم لا يقعون فيها؛ ومن ذلك: خطيئة آدم #، أو لظنّهم أنها غيرُ معصيةٍ؛ ومن ذلك: خطيئة يونس وداود @. ولا يجوز منهم ذلك فيما يتعلّق بالأدَاء البتَّةَ كالكذب والكتمان، إذ لو جوّزنا ذلك في حقهم لم نأْمن أنْ يكون بعض ما جاؤُوا به ليس عن الله تعالى، أو أنّهم كتمُوا شيئاً أمَرَهُمُ الله تعالى بتبليغه إلينا، وذلك خلافُ الحكمة وقدحٌ في الحكيم حيث أظهر المُعجز على مَنْ ذلك حَالُهُ. ولا يجوز وقوعُ المعصيةِ منهم عمداً عند الناصر، والهادي، وبعض البغدادية، خلافاً للمهدي والبصرية.
  قلنا: إنْ تعمّدُوها لأجل تعريفهم أنّها صغائر فذلك إغراءٌ وهو لا يجوز على الله تعالى، وإنْ تعمّدوها جُرْأَةً على الله تعالى من غير مبالاةٍ بصغرها وكبرها وحاشاهم، ثم بُيِّنَتْ من بعدُ فذلك مُؤَدٍّ إلى التنفير من قبول ما أَتَوْا بِهِ وذلك باطل، وقد قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: ١١٥] وقال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيهِ}[الأنبياء: ٨٧] أي: لن نُضيِّق عليه، أي: لا نؤاخذه. وأمّا غيرُ الأنبياءِ من المكلفين فنقطع بأنّ ما وقع منهم على جهة العمد فهو كبير، وما وقع منهم خطأً أو نسياناً أو بإكراهٍ فهو صغيرٌ، فالصغير متعيِّنٌ فيما ذُكر، هذا هو مذهب الناصريّة، وظاهر كلام الهادي، وصريح قول المرتضى، وقول القاسم بن علي العياني $، وبعض البغدادية. وقال بعضُ الزيدية، وبعضُ البغدادية، والطوسي: بل بعضُ العمد ليس بكبيرة. حُجَّتُنَا: قوله تعالى {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا}[الجن: ٢٣] ولم