كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الرابعة والعشرون في المنزلة بين المنزلتين

صفحة 271 - الجزء 1

  يفصل، وقوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}⁣[النساء: ١٤] ولم يفصل. ولم يغفر سبحانه سيّئَةً من غير توبةٍ إلَّا الخطأَ والنِّسيان والمضطر إليه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأتُم بِهِ}⁣[الأحزاب: ٠٥] وقوله تعالى مُعلِّماً لعباده ومُرشداً: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا}⁣[البقرة: ٢٨٦] واستثنى تعالى المضطر إليه. وقوله ÷: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ ... الخبر» فعلمنا بذلك أنَّ الكبائر ما وقع عمداً من غير إضطرارٍ.

  وقالت البصرية: بل الكبيرة ما وجب فيها حَدٌّ أو نُصَّ على كِبَرِهِ وغير ذلك محتمل. وَوُرُودُ الوعيد لا يدل على الْكِبَرِ عندهم لدخول الصّغيرة في عموم قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً}⁣[النساء: ١٤] وخالفهم أبو القاسم وقال: إنّ الوعيد لا يشمل الصغيرة. قال المهدي # مُبَيِّناً لكلام البصرية: تعيينُ الكبيرة: بأنْ يصفَها اللهُ تعالى بالفُحْشِ نحو: قوله تعالى في الزّنا: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَآ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً}⁣[الإسراء: ٣٢] أو الْعِظَمِ نحو: قوله تعالى في القذف: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ}⁣[النور: ١٥] أو الْكِبَرِ نحو: قوله تعالى في قتل الأولاد {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}⁣[الإسراء: ٣١] أو الإحباط كما