كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 276 - الجزء 1

  منافقاً. وأيضاً: المنافقُ يَقْدِمُ على المعصيةِ وهو مستحلٌّ لها غيرُ خائفٍ عقاباً من أجلها ولا تَبِعَةً بسببها، والفاسقُ ليس كذلك إذ الفاسقُ يَفْسُقُ خائفاً من عقاب تلك الكبيرة التي أقدم عليها، وإنّما يُسَوِّفُ التَّوبةَ أو يرجو المغفرة فليس منافقاً قطعاً. وبهذا عرف الجواب عمَّا تمسك به أوَّلاً، وأمّا ما تمسّك به ثانياً فجوابه: أنَّ الذي في الآية: أنَّ المنافق فاسقٌ، ونحن كذلك نقول، فمن أين لك أنّ الفاسق منافقٌ وهو محلُ النِّزاع.

«تنبيهٌ»

  النّفاقُ في أصل اللغة: إظهارُ خلاف ما أُبْطِنَ، والمنافقُ من أظهر خلاف ما أبطن. وهو مأْخُوذٌ من النافقاءِ وهو جُحر اليربوع لأنه يتّخذُ في بيته بَابَيْنِ، أو أبواباً، ويُظهر منها واحداً ويكتم الأُخر فإذا مُنع من الباب الذي أظهره لخروجه، خرج من الباب المكتوم، أو من أحد الأبواب الأُخر.

  وقال في الأساس: (النِّفاقُ في اللغة الرِّياءُ)، وديناً: مثل ما ذكره الشيخ، وقد حكي عن القاسم # أنه الرِّياءُ فقط بناءً على عدم النقل لقوله تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}⁣[آل عمران: ١٦٧] فلو كانوا كُفَّاراً ما قال تعالى: (هم أقرب إليه) وهم فيه.

  قلنا: المرادُ مَائِلُونَ إليه دون الإيمان لقوله تعالى فيهم: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}⁣[التوبة: ٥٤] ولتصريحهم بتكذيب الله فيما حكى الله عنهم في قوله تعالى: {وَإِذْ