المسألة الرابعة والعشرون في المنزلة بين المنزلتين
  السّمعيُّ على نقل اسم المؤْمن إلى مَنْ يستحق الثواب ونحوه: قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذينَ يُقُيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُمْ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال: ٢ - ٤] وقال تعالى في وصف المؤمن على وجه التّفسير والتّعريف بما يكون المؤمن مؤمناً: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ٣}[المؤمنون] إلى آخر الآيات، فقد أفادت أنّ هذه الأوصاف هي الإيمان، وأنّ المؤمنَ هو الذي يستحقُّ الثواب، وهو المرادُ بالفلاح في هذه الآية الكريمة. وقال تعالى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ}[السجدة: ١٨] فنفى تعالى مُسَاوَاةَ المؤْمنين و الفاسقين، فدلَّ على أنّ الفاسق لا يكون مؤمناً إذ لو كان كذلك لكان قد نفى مساواة الشيء لنفسه. وقال تعالى: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ}[الحجرات: ١١] وهذا يقضي بأنّ الفاسق غيرُ مؤْمنٍ. وممّا يدل على ما قلنا: قول النبيء ÷: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإذَا فَعَلَ ذَلِكَ انْتُزِعَ الإِيمانُ مِنْ قَلْبِهِ فَإنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَفَكَافِرٌ هُوَ؟ قَالَ لَا، قيلَ: فَمَا هو قَالَ: فَاسِقٌ» وهذا نصٌّ فيما ذهبنا إليه.