المسألة الخامسة والعشرون في الشفاعة
  نعم: وقولنا إنَّ المؤمن إسمٌ في الشرع لمن يستحقُّ الثواب؛ دليلٌ على شُمُول ذلك للملائكة، والأنبياء عُمُوماً، ومَنْ له ثوابٌ غيرُ مُحْبَطٍ من الإنس والجن. وخرج من التعريف الكافرُ، والفاسقُ، ومن ليس له ثوابٌ ولا عقابٌ؛ إِمّا لكونه غير مكلّفٍ، أو تساوى ثوابُهُ وعقابُهُ على القول بجواز التّساوي. فالمؤمنُ عندنا: هو مَنِ اعتقد بِقَلْبِهِ، وأقَرَّ بِلِسَانِهِ، وَعَمِلَ بِجَارِحَتِهِ، فإن أخَلّ بالأولّ فقط كان منافقاً، وإن أخَلّ بالثاني كان كافراً، وإن أَخَلّ بالثالث كان فاسقاً. وإنّما قلنا إنّ المؤمنَ من جَمَعَ الثلاثة الأمور المذكورة لِمَا قرّرناه من الأدلّة الدالّة على ذلك (فَثَبَتَ بِذَلكَ) التّقرير (أنَّ الفاسِقَ لا يُسَمّى مُؤْمِناً وَلَا كَافِراً وَلَا مُنَافِقاً) وبطل ما قاله المخالفون.
  «تنبيهٌ»
  قال أصحابُنا الإسلامُ، والإيمانُ، والدينُ سواءٌ في الشرع، وهو: فعل الطّاعات، واجتناب المحظورات، والمكروهات، وإن كانت في أصل اللُّغةِ مختلفة. فالإيمانُ: التّصديقُ. والإسلامُ: هو الإستسلامُ والإنقيادُ. والدِّينُ يُستعمل في اللُّغة بمعنى: الجزاءِ، وبمعنى: العادة، وبمعنى: المِلّة وهو: ما يتّخذه الإنسانُ له دِيناً، وبمعنى: الطاعة، لكنها قد صارت في الشرع بعد النقل بمعنىً واحدٍ وهو ما ذكرنا.
«المسألة الخامسة والعشرون» [في الشفاعة]
  في شفاعة النبيء ÷، ووجهُ إتّصالها بباب الوعيد: أنّها إحدى شُبَهِ المرجئَة في عدم خلود الفسّاق في النار للأثر الذي يروونه كما