المسألة الخامسة والعشرون في الشفاعة
  بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٥٤] وقوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}[البقرة: ٢٧٠] وقوله تعالى: {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ}[الإنفطار: ١٦] ولو صحّت الشّفاعةُ لهم لغابوا عنها. وقوله تعالى {مَّا لَهُم مِّنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ}[يونس: ٢٧] وقوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء: ٢٨] وهذا عن الملائكة؛ وقد ثبت أنهم أفضل من الأنبياءِ فنفى شفاعتهم إلّا لمن ارتضى، والفاسقُ غيرُ مَرْضِيٍّ. وقوله تعالى - أيضاً - عنهم: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر: ٠٧] فهذه أدلّة قطعيّةٌ لا يدخلها التشكيكُ، على أنّ الشفاعة موضوعُها جلبُ النّفع ودفع الضّرر كما ذكرنا ذلك في ماهيّتها. ومما يُؤَيّد ذلك ما يُقال: شفع الوزيرُ إلى الأمير ليزيد فُلَاناً في رتبته وعطيته كما يقال: شفع إليه ليصفح عن جرمه وخطيئته. وقال الشاعر:
  فَذَاكَ فَتىً إِنْ جِئْتَهُ لِصَنِيعَةٍ ... إلَى مَالِهِ لمْ تَأْتِهِ بِشَفِيعِ
  وقد دلّت الدّلالة القطعيّة على قصرها في حقِّ النبيء ÷ على جلب النفع، ألَا ترى إلى قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}[غافر: ١٨] ونحوها، كيف نَفَى الشّفاعة لهم على العموم. وإثباتُ ما نفى الله تعالى