المسألة الخامسة والعشرون في الشفاعة
  يكون تكذيباً له وردّاً لكلامه وذلك لا يجوز بلا خلاف بين المسلمين. فلو شفع النبيء ÷ لأحدٍ من هؤلاءِ الظالمين لأدّى ذلك إلى أحد باطلينِ: إمَّا أنْ يُطاع وتُقبل شفاعتُهُ فيكون ذلك تكذيباً للآية وإبطالاً لمعناها؛ وإمّا أن لّا يُطاع فيكون ذلك إسقاطاً لمنزلته ÷، وخرقاً للإجماع المنعقد على أنّ شفاعته مقبولةٌ في ذلك اليوم، ومخالفةً للمقام المحمود الذي وعده الله تعالى أن يبعثه فيه. ويدلّ على ذلك أيضاً: قول النبيء ÷: «ذُخِرتْ شَفَاعَتِي لِثَلَاثَةٍ مِنْ أُمَّتي: رَجُلٌ أحَبَّ أهْلَ بَيْتِي بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، وَرَجُلٌ قَضَى لَهُمْ حَوَائِجَهُمْ لَمَّا احْتَاجُوا إِلَيْهِ، وَرَجُلٌ ضَارِبٌ بَيْنَ أيْدِيهِمْ بِسَيْفِهِ» وقال ÷: «مَنْ آذَانِي فِي أهْلِ بَيْتِي فَقَدْ آذَى اللهَ وَمَن أعَانَ عَلَى أذَائِهِمْ وَرَكِنَ إِلَى أَعْدَائِهِمْ فَقَدْ أذَنَ بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي شَفَاعَتِي» وقال ÷: «صِنفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا تَنَالُهُمَا شَفَاعَتِي وَلَنْ أشْفَعَ لَهُمَا: سُلْطَانٌ غَشُومٌ، وَغَالٍ فِي الدِّينِ مَارِقٌ» وقال ÷: «إِنَّ أقْرَبَكُمْ مِنِّي غَداً وَأَوْجَبَكُمْ عَليَّ شَفَاعَةً أصْدَقُكُمْ لِسَاناً وَأحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَأدَّاكُمْ لِأمَانَتِهِ وَأقْرَبُكُمْ مِنَ النَّاسِ» فكل ذلك يوضح ما ذهبنا إليه ويبطل ما اعتمده المخالف.
  دليل آخر عقليٌّ: لا شكّ أنّ صاحب الكبيرة مسخوطٌ عليه، وأنّ الله تعالى قد تبرَّأَ منه، وعَادَاهُ، ونفى الإيمان عمن يُوَادُّهُ بقوله تعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِنْهُ وُيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ