المسألة الخامسة والعشرون في الشفاعة
  في ذلك أنّ المراد بالاستثناءِ قبل دخول الجنة، والفرق تحكّم.
  قالوا: قد رُوي عن النبيء ÷ أنه قال: «شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي».
  قلنا: يجب طرحُهُ لمصادمته البراهين المتقدِّمة السَّمعية والعقليّة، ولمعارضته بصحيح من الأخبار، وهو ما رواه الحسن البصري عن النبيء ÷ أنه قال: «ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي» ثم لو صح الخبر ولم يكن فيه هذه الزيادة فإنه من أخبار الآحاد التي لا تُوصِلُ إلى العلم، ومسألتُنا هذه يجبُ أن يُؤْخذ فيها بالأدلّة المُوصلة إلى العلم، لأنّها من أُصول الدِّين التي يجب على كل مُكلّفٍ العلم بها ولا يجوز له الإقتصار فيها على التّقليد، ولأنه يمكن تأْويل الخبر على ما يوافق الآيات التي نفت الشفاعة عن كل ظالمٍ.
  فنقول: إنّ شفاعته ÷ لأهل الكبائر من أُمّته إذا تابوا ويكون فائدة تخصيصه لهم بالذكر وإِنْ كانت شفاعته ÷ للتائب وسائر المسلمين أن لّا يتوهّمَ مُتَوَهِّمٌ أنه لاحظَّ لهم في شفاعته ÷ وإن تابوا؛ فأزال هذا التّوهم. ولأنّ الشفاعة في حق التّائبين أوقعُ ونفعُها أعظمُ، لأنّهم قد كانوا أحبطوا ما استحقُّوا من الثَّواب، فصاروا في أعداد الفقراءِ؛ والإحسانُ إلى الفقير ليس كالإحسان إلى الغنيِّ مع إشتراكهما في أنّ الإحسان منفعةٌ، وهذا على القول الصحيح، خلافاً لمن يقول: إنّ بالتوبة يعود ثواب الطاعة المتقدِّمة، ولمن يقول: إنّ التوبة تُسْقِطُ العقوبة بكثرة ثوابها لا بمجردها.