المسألة السادسة والعشرون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  منه ما يجوز للإمام الإجبار عليه كأخذ الزكاة كرهاً ونحوها، ومنه ما ليس له فيه كالصلاة والصوم لأنها متوقّفةٌ على النيّةِ التي لا يصح الإجبارُ عليها ولا يقوم غيرُها مقامها، لكن للإمام حبسُهُ أو قتلُهُ بعد إستتابته، ويتأنّى به ثلاثة أيّامٍ فإن تاب وإلَّا قتله. وقَتْلُهُ حَدٌّ. وأما المنكرُ فإنه يلزم كل مكلف القتال عليه بالسيف، وقَتْلُ فَاعِلِهِ دُونَهُ إن لّم ينته، وإنّما فرقنا بين الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في أنّ فاعل المنكر القطعي يُمنع منه ولو بالقتل، وتارك المعروف لا يُجْبَرُ على فعله بالقتل من آحادِ النّاس لأنّ المُنكَرَ إذا قُتِلَ مَنْ أراد فِعْلَهَ فقد حصل الغرضُ هو عدمُ وُقُوعِهِ، ولا كذلك الواجب فإنّ قَتْلَ مَنْ تركه لا يحصُل منه الغرضُ الذي هو وقوع الواجب فافترقا.
  قلتُ: ويخرج من عموم الكتاب الأَمْرُ بالمندوب فإنه مندوبٌ، والنهي عن المكروه فإنه مندوبٌ أيضاً.
  نعم: وإنّما يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الزيديّة والمعتزلة (إِذَا تَكَامَلَتْ شُرُوطُهُمَا) وهي خمسة:
  الأوّل: أنْ يعلمَ الآمرُ النّاهيُ أنّ الذي يأمر به معروفٌ حسنٌ، والذي ينهي عنه منكر قبيحٌ؛ ولا يكفي الظن، فإن أقدمَ على الأمرِ والنّهي من غير علمٍ كان إقدامُهُ منكراً، فإن عرف حُسْنَهُ والتبس عليه أَفَرْضٌ هُوَ أمْ نَفْل، أو عرف كراهته والتبس عليه أكراهةُ تنزيةٍ أمْ كراهةُ حظرٍ حسُن منه الأمر والنّهي بالقول فقط من غير تهدُّدٍ ونحوه، ويعني بكونه منكراً أو معروفاً: أنه كذلك عند المأْمور والمنهيّ، وإن كان مذهبُ الآمر النّاهي بخلافه. فإذا رأينا رجلاً يشرب المثلّث لم يجب نهيه بل لم يحسُن لجواز أن يكون حنفيّاً، فإن علمنا