كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة والعشرون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

صفحة 291 - الجزء 1

  أنه ليس حنفيّاً وجب الإنكارُ عليه. وسواءٌ أكان المُنْكِِرُ عليه حنفيّاً أو غيره.

  الثاني: أن يعلمَ أو يظُنّ أنّ لأمره ونهيه تأثيراً؛ وإن لّم يعلم ذلك ولا يظنه فلا وجوب قطعاً، قيل: لكنّه يحسُن لأنه دعاء إلى الخير وقيل: لا يحسُن لأنه عبثٌ.

  وفي الأساس يُشترط ظنُّ التّأثير حيث كان المأمورُ والمنهيُّ عَارِفَيْنِ بأنّ المأمورَ به معروفٌ، والمنهيَّ عنه مُنكرٌ وإلَّا وجب وإن لّم يظن التّأثير، لأنّ إبلاغَ الشّرائع واجبٌ إجماعاً. والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}⁣[البقرة: ١٥٩] ونحوها، وقوله ÷: «مَنْ كَتَمَ عِلْماً مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ أَلْجَمَهُ اللهُ بِلِجامٍ مَنْ نَارٍ».

  قال إمام زماننا أيَّدَهُ اللهُ تعالى: ويجب أيضاً أمرُ العارفِ بالمعروف، ونهيُ العارف عن المنكر وإن لَّم يحصل الظنُّ بالتّأثير لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}⁣[الأعراف: ١٦٤] والمعذرةُ لا تكون عمّا لَا يَجِبُ. قال #: وإنّما يجب ذلك رَيْثَمَا يتحول المتمكنُ من الهجرة لقوله ÷: «لَا يَحِلُّ لِعَيْنٍ تَرَى اللهَ يُعْصَى فَتَطْرِفُ حَتَّى تُغَيِّرَ أَوْ تَنْتَقِلَ».

  الثالث: أن لّا يعلم الآمرُ النّاهيُ، ولا يظنّ أنّ أمره أو نهيه يُؤَدِّيانِ إِلى مُنكرٍ آخر وهو مثل المنكر الأوّل أو أعظم، وسواءٌ أعَلِمَ أو ظنّ أنّهما لا يؤديانِ إلى ذلك أمْ لَا، بل بقيَ شَاكّاً، فإذا علم أنهما يُؤَدِّيانِ إلى ذلك أو ظنّه لم يحسُن أمره ولا نهيه. وفي الأساس: (وحصول القدرة على التأثير مع ظن الإنتقال إلى منكرٍ غيره لا يُرخِّصُ في التَّرك، لأنّ هذا منكرٌ معلومٌ؛ وذلك مُجوَّزٌ مظنونٌ، ومع حصول الظَّنِّ بوقوع شيءٍ من ذلك مع