المسألة السادسة والعشرون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  عدم ظنّ التأثير لا يجوزانِ لأنهما حينئذٍ كالإغراء، ومع ظن التّأثير لا يجِبان، وفي حُسْنِهِمَا تَرَدُّد).
  الرّابع: أن لّا يعلم، ولا يظنَّ أنّ أمْرَهَ وَنَهْيَهُ يُؤَدِّيَانِ إلى مَضرَّةٍ في نفسه: من قتلٍ، أو حبسٍ طويلٍ، أو ذهاب عضوٍ من أعضائه، أو مَالِهِ المجحف. فإن علم ذلك أو ظنّه سقط الوجوبُ قطعاً. وأمَّا الْحُسْنُ فمنهم من قال: يَسْقُطُ أيضاً لأنه إلْقَاءٌ بالنّفس إلى التّهلُكةِ وقد نهى اللهُ تعالى عن ذلك، ومنهم من قال: يحسُن صَبْراً في اللهِ تعالى كما صبر كثيرٌ من الصّالحين لِلّهِ تعالى فإنهم كانوا يُنْشَرُونَ بالمناشير ويُقرّضُون بالمقاريض ونحو ذلك، وهم صُبُرٌ وكان ذلك كثيراً في صَالِحِي الأُمم الماضية؛ كسحرة فرعون لعنه الله وغيرهم. وكان في بدءِ الإسلام؛ وقد مدحهم الله تعالى على ذلك، وهذا هو مذهب السيد المؤيد بالله وغيره. ومنهم من فصَّل وقال: إن كان هذا الذي يجري عليه ذلك يُقْتَدَى به ويكونُ سبباً لتحريك قلوب المسلمين على الصَّبر على الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر حَسُنَ كفعل الحسين بن علي، وزيد بن علي @، ونحوهما، وإن كان لا يُقتدى به ولا يكون أُسوةً لم يحسُن. وهذا التّفصيل قول الجماهير من العلماءِ من الزيدية، والمعتزلة، وغيرهم. ويَقْرُبُ أنَّ خوفهم من الضّرب والجرح يكون حكمُهُ حكم الخوف على النّفس، أو على عضوٍ. والذين قالوا بعدم حُسْنِ ذلك حملُوا فعل الحسين بن علي، وزيد بن علي @ على أحد وجهينِ؛ إِمَّا أنّهم لم يعلموا، ولا غلب في ظنونهم تلفاً أو يقال إنّ الحسين بن علي وزيد بن علي [@] قُتِلَا جهاداً، والجهادُ يخالفُ حُكْمُهُ حُكْمَ الأمر بالمعروفِ